شغف العلم الذي لا ينتهي

معجلات الجسيمات وإستخداماتها - ساينسوفيليا

  

 استخدامات معجلات الجسيمات 

بقلم : ايلاف صلاح موسى 
مراجعة : مجدي عياد 

معجلات الجسيمات وإستخداماتها - ساينسوفيليا

تم تصميم و تطوير معجلات الجسيمات المشحونة في الأصل لكشف غموض الذرة على وجه التحديد و لفهم التكوين الأساسي للمادة بوجه عام.
بدأت رحلة هذه المعجلات منذ نشأتها قبل أكثر من ثمانين عاما و قد ساهمت بالفعل في العديد من الاكتشافات عن الذرة و النواة و القوى الأساسية و ساهمت أيضا في العديد من التطبيقات الهامة للحياة البشرية.

سنتعرف أكثر في هذا المقال على الدور الذي تلعبه هذه المعجلات في مجال الأبحاث و التطبيقات الحياتية المختلفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن معجلات الجسيمات هي واحدة من أغظم الاختراعات في النصف الأول من القرن الماضي. تستخدم هذه المعجلات المجالات الكهربائية لتعجيل الجسيمات إلى سرعات عالية تقارب سرعة الضوء أي عند طاقات عالية جدا ثم توجيهها وتحديدها في أشعة مناسبة للاستخدام المطلوب.

 تأتي المعجلات في أشكال و أحجام مختلفة و لكنها جميعا تشترك في بعض الخصائص حيث يوجد في جميع المعجلات مصدر لتوليد الجسيمات المشحونة و تحتوي أيضا على حقول كهربائية لتسريع هذه الجسيمات و حقول مغناطيسية للتحكم في مسارها و تحتوي أيضا على وسط شبه مفرغ من الهواء لتمر من خلاله الجسيمات و على كواشف تعمل على رصد الجسيمات و قياس سرعتها بعد عملية التعجيل و أثناء مرورها في الفراغ.

يوجد نوعان رئيسيان من المعجلات و هما المعجل الخطي والمعجلات غير الخطية (والتي يكون فيها مسار تعجيل الجسيمات ليس خط مستقيم)

المعجلات الخطية:-

حيث يتم فيها تعجيل الجسيمات في خطوط مستقيمة و قد تم بناء أول معجل خطي في العام 1928. تتفاوت أطوال المعجلات الخطية بشكل كبير فكلا منهم علي حسب الطاقة التي سيقوم باكسابها للجسيمات , فيبلغ طول بعضها في حدود بضعت خشرات من السنتيمتر كما هو الحال في انبوبة اشعة الكاثود والتي كانت تستخدم في شاشات التليفاز القديم , وتصل اطوال بعضها الي كيلومترات فاحد أطول البناءات الحديثة في العالم تتمثل في معمل المعجلات القومي بسان فرانسيسكو بطول ميلين.

يتم إنشاء معجلات الجسيمات عادة تحت الأرض لحمايتها من كل مسببات التلف و التشويش حيث يتم إنشاءها على أعماق بعيد تحت أسطح تحوي منشآت عامة و مبان مأهولة و ملاعب كرة قدم أيضا.

المعجلات الغير خطية :-

وينقسم هذا النوع الي نوعين وهما المعجلات الحلقية (السينكروترون ) والذي يتم تعجيل الجسيمات فيه في مسار دائري كما هو الحال في مصادم الهادرونات الكبير في سيرن والذي يبلغ طول محيط دائرته حوالي 17 ميل.

النوع الآخر هو المعجل الحلزوني (السيكلوترون) الذي يسير الجسيمات في مسار حلزوني ويتم التحكم في المسار والسرعة عبر مجال كهرومغناطيسي.

في العام 2010 كتب العالم الفيزيائي الشهير ستيفان هوكنج مقالة في الصحيفة البريطانية المعروفة (ديلي ميل) تحدث فيها عن إمكانية سفر الإنسان عبر الزمان إذا تمكن العلماء من صناعة معجل فائق الضخامة قادرعلى إيصال الإنسان لسرعات هائلة كالتي تصل بها الجسيمات المشحونة داخل المعجلات المعروفة. لم يعرض هوكنج في مقالة مقترح لبناء آلة لهذا الغرض بقدرما كان يسلط الضوء على فكرة أن السفر عبر الزمن محققة بالفعل في عصرنا هذا عبر معجلات الجسيمات

لم تكتف هذه المعجلات بآداء دورها الأساسي الذي صممت لأجله و هو الوصول بشعاع الجسيمات لطاقة عالية جدا و تحسين خصائص الشعاع بل واصلت الطريق لاكتشاف أفق علمية جديدة.

تم اختراع أول معجل حديث بواسطة ج.ج.طومسون و عرف بأنبوب شعاع الكاثود و ساهم في اكتشاف أحد الجسيمات الأساسية الهامة و هو الإلكترون , وهو الانبوب الموجود في شاشة التليفاز قبل اختراع الشاشات المسطحه.

حديثاً تم إنشاء المصادم الهادروني الكبيرالذي ساهم في الكشف عن جسيمات هامة مثل الهيجز بوزون  و العديد من الألغاز الفيزيائية (اطلع على مقال: ماذا يحدث على الحدود السويسرية الفرنسية( https://www.sciencophelia.com/2020/07/blog-post_22.html.

بإمكاننا وصف معجل الجسيمات بالمجهرالذي يزيح الستارعن أنواع مختلفة من الجسيمات و لكنه دون مبالغة المجهر الأقوى على الإطلاق.

توصف أيضا المعجلات بالمفتاح الرئيسي للعديد من الأجهزة التي لا تقدر بثمن مثل مصدر تشتت النيوترونات، و مصادر أشعة السينكروترون و العديد من الأجهزة. و تعد المعجلات أحد الأدوات الهامة في مجال أبحاث علم المواد و الكيمياء و علم الأحياء الجزيئي.

في مرحلة معينة من حياة المعجلات تم تطويعها لتستخدم في العديد من التطبيقات الحياتية الملموسة، و تم تصميم منشئات خصيصا لهذا الغرض، و أصبحت المعجلات في وقتنا الحالي أحد الأدوات التجارية الهامة خاصة في مجالات الصناعة و التطبيقات الطبية حيث تستخدم المعجلات كمصدر للإشعاع، هذا الشعاع بدورة يستخدم في أغراض عديدة مثل التصوير الطبي التشخيصي و الرصد بواسطة النيوترونات، تنشيط النيوترونات، امتصاص الرنين النووي، و علاج الأورام بواسطة الجسيمات المشحونة الثقيلة.

معجلات اللإلكترونات تستخدم أيضا في العديد من العمليات الصناعية كتعقيم الأطعمة و الأدوات الطبية و في تدوير المخلفات و على مستوى العالم هناك الألاف من المعجلات التي تستخدم بشكل يومي في تصميم أشباه الموصلات و الشرائح الدقيقة ذات الكثافة العالية، و في أجهزة التصوير بواسطة أشعة إكس و أشعة جاما التي تستخدم في أغراض أمنيه.

لعبت المعجلات كذلك دورا مكملا للمراصد في مجالات فيزياء الفضاء وعلم الكونيات، فبمستويات الطاقة للمعجلات و المصادمات الحالية تم اختبار عمليات تقربنا أكثر للكشف عن أصل الكون بشكل عملي و أصبح من الممكن كذلك تتبع نشأة جسيم و كيفية اكتسابة لكتلته خلال فترة صغيرة جدا من الانفجار العظيم تحت ظروف حرارية معينة بالطبع.

المعجلات التي تستخدم كمصادر إشعاعية تستخدم أيضا في أبحاث علوم المواد لدراسة تكوين و خصائص المادة. أما بالنسبة للتطبيقات الطبية فهي لا شك ذات الأهمية الأكبر كونها مرتبطة مباشرة بصحة الإنسان، فضمن الآلاف من معجلات الجسيمات التي تعمل حاليا حول العالم النصف منها تقريبا مخصص للتطبيقات الطبية، في علاج الأورام. في مقال لاحق سنتحدث تفصيلا عن كيفية استخدام أشعة الجسيمات و تطبيق الفيزياء المرتبطة بها في علاج الأورام المختلفة.

المصادر:

R.K. Bhandari and Malay Kanti Dey, “Applications of Accelerator Technology and its Relevance to Nuclear Technology”, Energy Procedia 7 (2011) 577–588.

https://www.symmetrymagazine.org/article/april-2014/ten-things-you-might-not-know-about-particle-accelerators

ليست هناك تعليقات