إضطراب النوم و تآكل خلايا المخ في الثدييات - ساينسوفيليا
العلاقة بين اضطراب النوم و تآكل خلايا المخ في الثدييات
ترجمة: أية محمد شكرى .
مراجعة: رغدة لطفى .
إن حاجة الجسم للنوم أبعد من مجرد تعويض طاقة الجسم المفقودة كل ١٢ساعة؛ فأثناء النوم يطور المخ من حالته بإزالة السموم الناتجة عن النشاط العصبي طوال اليوم.
فعند فحص الفئران التي لاتحصل على قسط كاف من النوم؛ وُجد أن اضطراب النوم يجعلها أكثر انفعالا.
إن النوم السئ بشكل مستمر يحفز المخ على تدمير بعض الوصلات العصبية. هذا التلف لايمكن تداركه حتى مع انتظام النوم مرة أخرى.
في عام٢٠١٧ قام فريق من الباحثين في علم الأعصاب بقيادة العالم ميشيل بيلسسي(Michele Bellesi`1 ) من جامعة (Marche polytechnic) في إيطاليا؛ بفحص استجابة المخ لدى الثدييات في حالة اضطراب النوم المستمر.
سجل العلماء تشابه كبير في تأثير اضطراب النوم على مخ كل من الثدييات الكبيرة، والفئران.
حيث تتمايز خلايا المخ إلى :
- خلاياغروية،أو دبقية (Glial cell) : وهي خلايا دعامية،وتسمى غراء الأعصاب.
- خلايا دبقية صغيرة (Microglial cell): وهي خلايا مناعية مسؤلة عن التهام الخلايا البالية.
- الخلايا النجمية (Astrocytes): ووظيفتها إعادة تهيئة الروابط العصبية، و التخلص من الروابط الغير مهمة.
هذه العمليات تتم أثناء النوم، ولكنه تبيَّن من خلال التجارب قبل السريرية على الفئران أنه يحدث فى حالة الحرمان من النوم الكافى.
يقول بيليسسي(Bellisi): أنه في حالة عدم النوم بشكل كاف؛ وجدنا أجزاء من الوصلات العصبية متآكلة بواسطة الخلايا النجمية(Astrocytes)، مما يدل على التهام المخ لنفسه بدل من التهام الخلايا الميتة.
لتوضيح الأمر قسم الباحثين الفئران إلى ٤مجموعات:
- المجموعة الأولى : مجموعة يتم إيقاظها بعد نومها من٦-٨ساعات متصلة.
- المجموعة الثانية: مجموعة تستيقظ تلقائيا بعد حصولها على ما يكفيها من النوم.
- المجموعة الثالثة: مجموعة حرمت من النوم لأكثر من ٨ساعات متواصلة.
- المجموعة الرابعة: مجموعة حرمت من النوم(حرمان مزمن) لمدة ٥أيام متواصلة.
وبمقارنة نشاط الخلايا النجمية في المجموعات السابقة وجد أنه:
- المجموعة الأولى ٥,٧%
- المجموعة الثانية ٧,٣%
- المجموعة الثالثة ٨,٤%
- المجموعة الرابعة ١٣,٥%
حيث لوحظ تزايد نشاط الخلايا النجمية (Astrocytes)وتزايد عددها في الفئران المحرومة من النوم_المجموعتان الثالثة،والرابعة_.
أدى تزايد أعداد، ونشاط الخلايا النجمية إلى تآكل بعض أجزاء من الوصلات العصبية،أي أن الخلايا النجمية قامت بدورالتهامي في المخ, تسمى هذه العمليه (Astrocyte phagocytosis).
يقول بيليسسي إن هذه العملية أدت إلى التهام الوصلات العصبية القديمة مما قد يعد ميزة. إلا أنه وبالفحص الدقيق، وخاصة للمجموعة الرابعة من الفئران_حالة الحرمان المزمن من النوم_ وجد تسارع في نشاط الخلايا المناعية الأساسية (Microglial cell)، الأمر الذي يؤدي إلى تآكل الأعصاب، وبالتالي زيادة فرص ظهور بعض الأمراض مثل الزهايمر(Alzaheimer) و الأمراض الأخرى الناتجة من تدمير الخلايا العصبية.
وتوصلوا أن النشاط المفرط للخلايا النجمية ( Astrocytic phagocytosis) تحدث عند الحرمان من النوم لفترة قصيرة أو بشكل مزمن, خاصة لبعض العناصر الموجودة في الوصلات بين الأعصاب (presynaptic elements), كأنها تقوم بالتخلص النفايات القديمة والتى تتزداد بإستمرار مع الحرمان من النوم, ولكنها لا تحدث في حالة الإستيقاظ الذاتي كما في المجموعة الثانية.
فيعتقد الباحثون أن استيقاظ الجسم تلقائياً بعد حصوله على القسط الذي يحتاجه من النوم, يخلص المخ من الخلايا الميتة بإستمرار، وخاصة في الوصلات العصبية الرئيسية.
أما في حالة اضطراب النوم المزمن, يُحفز الدور الإلتهامى للخلايا الدبقية الصغيرة(Microglial cell) والخلايا النجمية؛ مما يسبب صور مختلفة من الإضرار بخلايا المخ.
هذا ما تم استنتاجه من التجارب على الفئران, أما بالنسبة للبشر فمازلنا نتساءل :
هل تتضاعف عملية الالتهام بالخلايا النجمية(Astrocytic phagocytosis) مع الحرمان من النوم ؟
هل النوم الجيد يعوض التلف في خلايا المخ؟
لاتزال هذه الأسئلة عالقة دون جواب واضح, ولكن المؤكد هو زيادة نسبة الوفيات بسبب مرض الزهايمر بنسبة ٥٠%منذ عام ١٩٩٩؛ لذلك فإن حصول الجسم على القدر الكافي من النوم بات أمرا حتميا، وليس رفاهية.
المصادر:
التعليقات على الموضوع