الشفق القطبي ما هو وماذا تعرف عنه ؟ - ساينسوفيليا
الشفق القطبي
بقلم: هبة رضا
مراجعة علمية: أحمد محمد نشأت
إذا كنت معجب بصور السماء والصور الفلكية بصفة عامة فلابد أن تكون قد صادفت صورة تبدو من أحد أفلام الخيال العلمي أو حتى من الروايات السحرية حيث يبدو في السماء خطوطاُ خضراء براقة وخاطفة للأبصار.
في الواقع هذه الصور واقعية، فإذا كنت تقيم في مناطق معينة على سطح الكرة الأرضية سوف تتمكن من رؤيتها على أرض الواقع وكأنك بداخل فيلم أو رواية.
فما تسمي تلك الظاهرة؟ وما ألوان عروضها؟ وما سبب حدوثها؟ وأين يمكن رؤيتها؟
تسمي هذه الظاهرة بالشفق القطبي (aurora)، كما انها تظهر بأكثر من هيئة في ألوان عروضها.
ولها أماكن وأوقات زمانية معينة يتم التنبؤ بها لمشاهدة أحداث الشفق القطبي. والآن سوف نتناول بعضاً من الأسئلة التي قد تجول تفكيرك.
ما هو الشفق القطبي؟
إن الأضواء الساطعة للشفق القطبي هي في الواقع تصادمات بين جزيئات مشحونة كهربائيًا من الشمس تدخل الغلاف الجوي للأرض. حيث تُرى الأضواء فوق الأقطاب المغناطيسية لنصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.
تُعرف باسم "Aurora borealis" في الشمال و "Aurora australis" في الجنوب.
ما هي ألوان عروض الشفق القطبي؟
تظهر خطوط الشفق القطبي بألوان عديدة على الرغم من أن اللون الأخضر الباهت والوردي هما الأكثر شيوعًا. حيث تم رصد شفقٌ من الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق بالإضافة إلى البنفسجي. كما تظهر الأضواء في أشكال عديدة من البقع أو السحب المتناثرة من الضوء إلى الأقواس، والخطوط المتموجة أو أشعة التصوير التي تضيء السماء بتوهج غريب.
ما سبب الاختلاف في ألوان عروض الشفق القطبي؟
ترجع الاختلافات في اللون إلى نوع جزيئات الغاز المسببة للوهج أو الشفق. كمثال على ذلك فإن إنتاج اللون الأكثر شيوعًا وهو أخضر مصفر باهت، بواسطة جزيئات الأكسجين الموجودة على بعد 60 ميلاً فوق الأرض. يتم إنتاج الشفق القطبي الأحمر النادر بواسطة الأكسجين على ارتفاعات عالية تصل إلى 200 ميل. بينما يمكن ان ينتج النيتروجين شفق قطبي أزرق أو أحمر أرجواني.
ما الذي يسبب الشفق القطبي؟
الشفق القطبي هو في الواقع نتيجة الاصطدام بين الجسيمات الغازية في الغلاف الجوي للأرض مع الجسيمات المشحونة المنبعثة من الغلاف الجوي للشمس (الرياح الشمسية).
تم الاشتباه في الصلة بين الشفق القطبي ونشاط البقع الشمسية منذ حوالي عام1880 . وبفضل الأبحاث التي أجريت منذ الخمسينيات من القرن الماضي، نعلم الآن أن الإلكترونات والبروتونات من الشمس تتجه نحو الأرض على "الرياح الشمسية".
حيث تبلغ درجة الحرارة فوق سطح الشمس ملايين الدرجات المئوية. عند هذه الدرجة تكون التصادمات بين جزيئات الغاز متكررة ومتفجرة.
تُلقى الإلكترونات والبروتونات الحرة من الغلاف الجوي للشمس عن طريق دوران الشمس ويمكن ان تنفذ من خلال ثقوب في المجال المغناطيسي.
تهب الرياح الشمسية باتجاه الأرض، وتنحرف الجسيمات المشحونة إلى حد كبير عن طريق المجال المغناطيسي للأرض. ومع ذلك، فإن المجال المغناطيسي للأرض يكون أضعف ما يمكن عند أي من القطبين، وبالتالي تصل الرياح الشمسية للغلاف الجوي للأرض وتصطدم بجزيئات الغاز.
تنبعث من هذه الاصطدامات الضوء الذي يظهر كأضواء الشفق في الشمال والجنوب. كما تمتد أضواء الشفق القطبي عمومًا من 80 كيلومترًا إلى 640 كيلومترًا فوق سطح الأرض.
ظاهرة الشفق القطبي تظهر بوجود مجال مغناطيسي للكوكب ووصول الرياح الشمسية إليه وبالتأمل البسيط في الظاهرة من خلال السطور السابقة يتبادر إلى الذهن باقي كواكب المجموعة الشمسية وهل يتكون بها شفق؟ الإجابة على السؤال يحقق بكل بساطة التفسير، ففي حالة تحقق الشرطين (غلاف جوى غازي للكوكب- رياح شمسية) لابد وان يظهر الشفق وهو ما تم رصده بالفعل لكواكب المجموعة الشمسية ولكن مع ظهور بعد الاختلافات.
يعد من أبرز الاختلافات واكثرهم اثارة هو الشفق الخاص بكوكب المريخ، فعلى عكس الأرض لا يظهر الشفق عند الأقطاب ولكن يظهر عند مناطق مختلفة ويظهر خلال النهار وقد اصطلح تسميته بالشفق البروتوني proton aurora. الشفق لكوكب المريخ يظهر في الصورتين على اليمين بينما تمثل الصورة على اليسار الحالة العادية بدون ظهور الشفق.
 |
| Embry-Riddle Aeronautical University/LASP, CU Boulder |
ما هو أفضل مكان لمشاهدة الشفق القطبي على الأرض؟
يمكن رؤية الشفق القطبي الشمالي بالقرب من قطبى الكرة الأرضية الشمالي أو الجنوبي ، في شكل بيضاوي غير منتظم يتركز فوق كل قطب مغناطيسي.
تُعرف الأضواء باسم "Aurora borealis" في الشمال و "Aurora australis" في الجنوب، حيث أن الشفق القطبي الشمالي والجنوبي عبارة عن صور تشبه المرآة تحدث في نفس الوقت وبأشكال وألوان متشابهة.
نظرًا لأن هذه الظاهرة تحدث بالقرب من الأقطاب المغناطيسية، فقد شوهدت اثار الشفق في أطراف قارة امريكا الشمالية. ويعد أفضل الأماكن لمشاهدة الأضواء (في أمريكا الشمالية) تقع في الأجزاء الشمالية الغربية من كندا، ولا سيما الأقاليم الشمالية الغربية وألاسكا.
يمكن أيضًا رؤية عروض الشفق القطبي فوق الطرف الجنوبي لجرينلاند وأيسلندا والساحل الشمالي للنرويج وفوق المياه الساحلية شمال سيبيريا. بينما لا يُرى الشفق القطبي الجنوبي غالبًا حيث يتركز في حلقة حول القارة القطبية الجنوبية وجنوب المحيط الهندي.
علاوة على أن المناطق التي لا تتعرض لـ "التلوث الضوئي" هي أفضل الأماكن لمشاهدة الأضواء، ومن ثم فتعد مشاهدة الشفق القطبي في منطقة الشرق الأوسط يعد مستحيلاً.
ما هو أفضل وقت لمشاهدة العروض الشفقية؟
اكتشف الباحثون أيضًا أن النشاط الشفقي دوري، ويبلغ ذروته كل 11عامًا تقريبًا. حيث أن الشتاء في الشمال هو بشكل عام موسم جيد لمشاهدة الأضواء. توفر فترات الظلام الطويلة وتواتر الليالي الصافية يوفر العديد من الفرص الجيدة لمشاهدة عروض الشفق.
أساطير الأضواء:
"Aurora borealis"، أضواء نصف الكرة الشمالي، تعني "فجر الشمال" و "Aurora australis" تعني "فجر الجنوب".
في الأساطير الرومانية، كانت أورورا إلهة الفجر.
ويعد أول من أطلق عليها اسماً هو العالم جاليليو وذلك عام 1619م وقد حاول تفسيرها على أنها انعكاس ضوء الشمس على الغلاف الجوي.
وقد طورت العديد من المجموعات الثقافية أساطير متعددة حول الأضواء، ففي العصور الوسطى، كان يُنظر إلى حدوث العروض الشفقية على أنها نذير حرب أو مجاعة. كما شارك الماوري النيوزيلندي العديد من سكان شمال أوروبا وأمريكا الشمالية في الاعتقاد بأن الأضواء كانت انعكاسات من المشاعل أو نيران المخيمات.
كما يعتقد هنود مينوميني في ولاية ويسكونسن أن الأضواء تشير إلى "عمالقة" الذين كانوا أرواح الصيادين والصيادين العظماء. كما اعتقد إنويت ألاسكا أن الأضواء كانت أرواح الحيواناتs التي اصطادوها: الفقمة والسلمون والغزلان والحيتان البيضاء. واعتقد السكان الأصليون الآخرون أن الأضواء هي أرواح شعوبهم.
كما كُتب اقدم استشهاد شفقي في عام2600 قبل الميلاد في الصين حيث تم رؤيته بواسطة "فو باو والدة الامبراطورة الصفراء شوان يوان"، حيث رأت بريقاً قوياً يتحرك حول النجم سو الذي ينتمي الي كوكبة باي دو والضوء.
أضرار الشفق القطبي:
العواصف الشمسية التي تولد الشفق القطبي عادة ما تكون غير ضارة، ورغم ذلك فإن عاصفة ضخمة منها كفيلة بإلحاق عواقب وخيمة بالأرض.
ربما تكون ظاهرة "الشفق القطبي" من أجمل المناظر الطبيعية، لكن خبراء حذروا من العواصف الشمسية التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، وتم تشبيها بـ"وحوش" قد تدمر الأجهزة الكهربائية وشبكات الاتصالات على كوكب الأرض.
المراجع العلمية:
- https://www.swpc.noaa.gov/phenomena/aurora "Simultaneous ground and satellite observations of an isolated proton arc at sub-auroral latitudes". Journal of Geophysical Research. 2007. Siscoe, G. L. (1986). "An historical footnote on the origin of 'aurora borealis'". History of Geophysics: Volume 2. History of Geophysics: Volume 2. Series: History of Geophysics. History of Geophysics. 2. pp. 11–14.
- https://www.northernlightscentre.ca/northernlights.html
- https://www.nasa.gov/mission_pages/themis/auroras/aurora_history.html J. Deighan et al. Discovery of a proton aurora at Mars. Nature Astronomy, published online July 23, 2018.
التعليقات على الموضوع