شغف العلم الذي لا ينتهي

العلاقة بين جهاز مناعة الأم و الجنين - ساينسوفيليا

 

العلاقة بين جهاز مناعة الأم و الجنين

تحرير : هالة يحيى 
مراجعة : د/ ندى مكاوى

العلاقة بين جهاز مناعة الأم و الجنين - ساينسوفيليا


يُعتبر الجنين (بتكوينه المشترك من الأب و الأم) جسم غريب يتم زرعه داخل رحم الأم , و بالآليات الطبيعية لجهاز المناعة يجب الدفاع و القضاء على اى جسم غريب يتعرف عليه جهاز المناعة و لكن هذا لا يحدث فى الظروف الطبيعية للحمل . 
فقد أثبتت العديد من الدراسات وجود طرق التَكيف بين الجهاز المناعي الفطري للأم والجهاز التناسلي عن طريق تنشيط آليات مختلفة  تجهيزاً لاستقبال الخلايا الجنينية وعدم رفضها تجنباً لحدوث الإجهاض أو فشل حدوث الحمل مع الحفاظ على الحماية الكاملة ضد الميكروبات المُمرضة. 

و هو ما يسمى بالتسامح المناعى مع الجنين أثناء فترة الحمل.

تسامح الجنين مع آليات الاستجابة المناعية في جسم الأم

  •  الإمتياز المناعي Immune Privilege 

 ينشأ في بداية الحمل ما يعُرف بالإمتياز المناعي عند الحاجز الفاصل بين الأم و الجنين feto-maternal interface و يشمل هذا الإمتياز عدة ظواهر منها :

1-الموت المُبرمَج (الذاتي) للخلايا Apoptosis :
عن طريق الهرمونات المناعية cytokines Th1 ،TNFα  أو روابط على سطح الخلايا تُعرف بــ FAS Ligand  و التي يتواجد منها على سطح الخلايا على الطبقات الطلائية المُبطنة لمراحل من الأغشية المشيمية 
(syncytiotrophoblasts , cytotrophoblasts and chorionic extravillous trophoblasts).

تُساهم مركبات FAS- L  في الاستجابة المناعية للمشيمة إلى حد كبير؛ حيث تعمل على تحفيز موت الخلايا المُبرمَج  للخلايا الليمفاوية المناعية الحاملة ل مركب )   FAS الرابط المقابل الذى يتحد بــ FAS L لتتم آلية الموت المُبرمج)  في جسم الأم .

2-  يُضاف الى ما سبق , دور الجزيئات التحفيزية من عائلة B7  مثل B7-H1:
 و التى ثبت وجودها ايضا فى الــ trophoblasts والتي تشارك في تحفيز موت الخلايا المناعية ذاتياً الى جانب دورها فى تحويل مسار الإستجابة المناعية لإنتاج هرمونات مناعية ناشئة من الخلايا الليمفاوية Th2  لتقليل تحفيز الخلايا المناعية القاتلة.

3- HLA-G  بروتين مستقبل مناعى مميز :
 يتواجد منه على سطح خلايا الــ extravillous trophoblast , تقوم بتثبيط الخلايا القاتلة الطبيعية للأم 
 (NKcells) natural killer)) . حيث يبدأ تعزيز كفاءة هذا المُثبط المناعى بواسطة جزيئات HLA-E  والتي تتفاعل مع المستقبلات السطحية الواقعة على الخلايا القاتلة الطبيعية والبلعمية  phagocytes وأيضاً تقع على أسطح مجموعات متنوعة من الخلايا التائية.

ضبط المناعة الفطرية للأم من الوظائف الهامة لبروتينHAL-G  إلي جانب وجود فصيلة قابلة للذوبان تعمل كمحفز لموت الخلايا المٌبرمَج من النوع CD8+ T   وتنظم تكاثر خلايا CD4+ T  . 

ومن المعتقد أن مثبط HLA-G1  له دور أثناء الإنغراس الجنيني وزرع الأعضاء حيث يعمل على حماية الأنسجة أثناء الاستجابات الإلتهابية من النوع Th2

ما هي العلاقة بين جهاز مناعة الأم و الجنين؟_ساينسوفيليا
Trophoblast versus maternal T or NK cell interactions

مكونات المناعة الفطرية (الذاتية) عند إلتقاء الجنين وبحسم الأم

تتواجد أنواع مختلفة من الخلايا في مواقع إنغراس الخلايا الجنينية و أكثرها هي خلايا الرحم القاتلة الطبيعية NK cell .

و يوجد أيضاً نوع من الخلايا القاتلة الطبيعية تُتشارك خصائصها مع خواص الخلايا التائية NKT  لها دور في بعض حالات فقدان الحمل. 

المناعة الفطرية "Innate" للأم في حالة فقدان الحمل (الإجهاض)

لا يوجد ما يثبت علمياً أن الجنين في بداية الحمل يحدث له رفض مؤكد من قِبل الجهاز المناعي المتخصص  "adaptive"  للأم ؛ على العكس من ذلك وما تم إثباته أن المستضدات الجنينية يتم التعرف عليها بواسطة مناعة الأم المتخصصة و يحدث تسامح   Tolerance للخلايا المناعية المتخصصة في جسم الأم من النوع  T وB .

وفي إشارة من هذه التجارب أوضحت أن الاستجابة الالتهابية أو ارتفاع نسبة خلايا الدم البيضاء قبل الإجهاض هي مؤشرات أكيده لإستجابة المناعة الفطرية في محاولة رفض الجنين.

تؤدي الاستجابة المناعية الالتهابية دورها في فقدان الحمل حيث ينتج عنها التهاب المشيمة ومتلازمة  مضادات الفوسفوليبدAPS   وهي متلازمة تؤدي إلى فقدان الأجنة المُتكرر بسبب تكوَن الأجسام المضادة للفوسفولبيبد ، حيث تستهدف هذه الأجسام المضادة  الفوسفوتيدايل سيرين_ المتواجد بأسطح الخلايا الجنينية (تروفوبلاست) .

كيف يدافع الجنين عن نفسه؟

يُوصف الحمل أنه عملية تفاعلية بين الأم والجنين ،وبالطبع هناك رد فعل من الجنين للدفاع عن نفسه ومقاومة عوامل الرفض ؛حيث يَسلك الجنين آليات التثبيط في مقاومة استجابة مناعة الأم, من ضمن تلك الآليات وجود إنزيم مُثبط IDO  الذي تفرزه خلايا  Trophoblastفيعمل على تحليل مُركب التربتوفان وبالتالي كبح نشاط الخلايا التائية التي ينتُج عن نشاطها الاستجابة الالتهابية.

وقد تم تعيين نقص تركيز مركب التربتوفان بشكل ملحوظ في النساء الحوامل عنه في غير الحوامل، ومن خلال تجارب لاحقة أظهرت المركبات الثانوية الناتجة عن جعل إنزيم IDO  في صورة نشطة تُساهم في تنشيط الخلايا البلعمية وموت الخلايا التائية.

لذلك فإن إحدى سُبل دفاعات الجنين عن نفسه وحمايته من الفقد تتلخص في هدم التربتوفان وبالتالي منع حدوث استجابة الإلتهاب الناتج عن تنشيط مُكملات الخلايا التائية. 

تحفيز المناعة الفطرية والاجهاض تحت تأثير العدوى الميكروبية

تتسبب عدوى الجهاز التناسلي فى الأمهات الحوامل في حدوث جزء كبير من حالات الإجهاض و حوالي40٪ من حالات الولادة المبكرة بالإضافة إلى حدوث النزف الناتج عن إصابة المشيمة ببعض مسببات الأمراض. 

حيث يتسبب موت خلايا من المشيمة بعد إصابتها في استجابة المناعة الفطرية بتحفيزها لإفراز سيتوكينات TNFα وقد يكون أحد العوامل المُسببة لفقد الجنين ؛ فكلما كانت نسب إفراز السيتوكينات عالي، كلما زاد احتمال حدوث الإجهاض في فترة مبكرة من الحمل

فى العدوى البكتيرية مثل بكتيرياMonocytogenes   Listeriaيتم إنتاج عامل نمو الخلايا البلعمية بكميات كبيرة من خلايا الرحم عند إصابة الأم بها أثناء الحمل.

وهناك آليات مختلفة في مكافحة العدوى والتعرف على العوامل المُمرضة منها: 
مُستقبلات TLR2 و TLR4  الذي يتم تنشيطه بواسطة LPS  بالإضافة إلى دور المستقبل الوظيفي في إنتاج سيتوكينات IL-6 وIL-8  وهو أكثر المستقبلات تواجداً في مكونات جدار الخلية المُسبب للالتهاب نتيجة العدوى ببكتيريا Gram Negative.

بينما يؤدي مُستقبل  TLR2 دور أكبر في التعرُف على أنماط متنوعة من الميكروبات والبكتيريا من النوع Gram Positive؛ ويتم إستظهار كلٍ من المستقبلين في المشيمة. 

في الوقت نفسه فإن العدوى البولية التناسلية الناتجة من البكتريا Gram Negative  هي أحد أهم العوامل المُسببة للولادات المبكرة

ولذلك يُعتبر توجيه الأبحاث الحديثة حول الآليات المناعية التي يمكنها أن تُعرض الجنين للفقد كانت إشارة للدور الذي تشارك به مناعة الأم الفطرية كأول استجابة دفاعية للحمل الذى يُمكن أن يتم تفادي خطره عن طريق استخدام العوامل العلاجية التي تتداخل مع تنشيط استجابة الالتهاب دون تَعرض الأم للإصابة بعدوى بكتيرية.


هناك تعليق واحد: