شغف العلم الذي لا ينتهي

النسيان وكيف نتغلب عليه - ساينسوفيليا

 

النسيان Forgetting

بقلم: أسماء دهب محمد صديق 
مراجعة علمية : شيماء إبراهيم عباس

النسيان وكيف نتغلب عليه - ساينسوفيليا


كثيراً ما نقع بمواقف محرجة , ننسى أسماء اشخاص تعرفنا عليهم للتو، أو معلومات حفظناها بالذاكرة , وفي اللحظة اللازمة لتذكرها ننساها ، أو لقاء او اجتماع مهم فاتنا، وتحولت الكثير من العبارات العفوية مثل "نسيت ماذا تناولت البارحة " من قول إلى حدث حقيقي .

البعض يظن أن الشخص المقصود يتعمد اللامبالاة بهم ، ولكن هذا غير صحيح، وسوف نقوم بتوضيح ذلك الآن .

النسيان  Forgetting: عبارة عن ظاهرة إنسانية لا تقتصر على فئة عمرية محددة، فهي منتشرة بين الأطفال و الكبار و الشباب، فهي عملية الفقدان الكلي او الجزئي، الدائم او المؤقت لبعض الخبرات، وإن عدم القدرة على استرجاع المعلومات لا يعني بالضرورة إنها تلاشت من الذاكرة نهائياً، فغالباً ما يخطر على بالنا ذكريات قديمة أو حوادث سابقة على نحو لا شعوري وذلك دون وجود أية منبهات تعمل على إثارتها.

أسباب النسيان 

من الجدير بالذكر أن الخبرات التي يمر بها الفرد أثناء تفاعلاته المستمرة تبقى آثارها موجودة في الذاكرة ، ولكن هناك صعوبة في تذكرها ترجع هذه الصعوبات إلى مجموعة من الأسباب منها : 

  1. أسباب نفسية : تتمثل في ( الضغط و التوتر، تسارع وتيرة الحياة، تراكم المسؤوليات، التفكير، الاكتئاب والقلق).

  2. أسباب طبية : وتتمثل في نقص بعض الفيتامينات مثل: فيتامين (د) او ((B12 وبعض الاملاح المعدنية .

  3. أسباب تتعلق بنمط الحياة و اسلوبها لدى البعض: كالسهر المتكرر، الطعام الدسم، تناول المنبهات بكثرة كالمشروبات الغازية و الكافيين كالقهوة بالإضافة إلى الادوية المنبهة والمهدئات .

  4. عوامل الفشل في ترميز المعلومات أو عدم الدقة في تخزين المعلومات والأحداث خلال المعالجة المعرفية للمعلومات .

  5. انخفاض درجة الانتباه وعدم التركيز .

تفسير النسيان في علم النفس 

مع تعدد أسباب النسيان كان لابد من وجود نظريات تقوم بتفسير هذه الظاهرة ومنها: 

  •  نظرية الانحلال : 

يعد عدم القدرة على استعادة الذاكرة أحد أكثر أسباب النسيان شيوعًا. 

فلماذا لا نتمكن غالبًا من استرداد المعلومات من الذاكرة ؟ يُعرف أحد التفسيرات المحتملة لفشل الاسترجاع باسم نظرية الانحلال. 
حيث أنه وفقًا لهذه النظرية، يتم إنشاء أثر للذاكرة في كل مرة يتم فيها تشكيل نظرية جديدة.

وتُرجع هذه النظرية النسيان إلى مرور زمن طويل على الخبرة المكتسبة بحيث لا يتم تنشيطها أو ممارستها مما يؤدي إلى إزالة آثارها من الذاكرة و بالتالي ضمورها و إضمحلالها. 

فبمرور الوقت تبدأ آثار الذاكرة هذه في التلاشي والاختفاء إذا لم يتم استرداد المعلومات والتدرب عليها ، وتضيع في النهاية. ومع ذلك ، فإن إحدى مشكلات هذه النظرية هي أن الأبحاث أثبتت أنه حتى الذكريات التي لم يتم التدرب عليها أو تذكرها مستقرة بشكل ملحوظ في الذاكرة طويلة المدى.

  • نظرية التداخل(التشويش) 

   تشير هذه النظرية إلى أن كثرة تداخل المعلومات في الذاكرة القصيرة أثناء المعالجة , أو في الذاكرة الطويلة خلال التخزين  وكثرة مهمات التعلم و النشاطات العديدة التي يؤديها الفرد. 
كما تشير هذا النظرية إلي أن بعض الذكريات تتنافس وتتداخل مع ذكريات أخرى . وعندما تكون المعلومات مشابهة جدًا للمعلومات الأخرى التي تم تخزينها مسبقًا في الذاكرة، فمن المرجح أن يحدث التداخل .

هناك نوعان أساسيان من التداخل:

  • التداخل الاستباقي:

يحدث عندما تصبح الذاكرة القديمة من الصعب أو المستحيل تذكر ذاكرة جديدة. 

  •   التداخل بأثر رجعي:

 حيث يحدث عندما تتداخل المعلومات الجديدة مع قدرتك على تذكر المعلومات التي تم تعلمها مسبقًا , فالتداخل قد يجعل من الصعب تذكر بعض الأشياء .

  • نظرية الكبت: 

توضح هذه النظرية أن النسيان هو طريقة لا شعورية في التعامل مع مشاعر الإحباط و القلق والألم مما يجعل النسيان عبارة عن ميكانزيم دفاعي داخلي يسعى لحماية الفرد ويمكن استثارتها و استرجاعها من خلال زلات اللسان و التنويم المغناطيسي. 

 ومع ذلك ، فإن مفهوم الذكريات المكبوتة غير مقبول عالميًا من قبل جميع علماء النفس. وتتمثل إحدى مشكلات الذكريات المكبوتة في أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل ، إجراء دراسة علمية لمعرفة ما إذا كانت حد الذاكرة مكبوتة أم لا.

  • نظرية الإمحاء: 

تشير هذه النظرية إلى أن وجود ظروف معينة إن توافرت بعد خبرة التعلم تؤدي إلى منع تثبيت خبرات التعلم وبالتالي النسيان . وهذه الظروف مثل (منع تمثيل البروتين ، الحوادث و الصدمات النفسية والجسدية ، إصابات الدماغ). 

 والنسيان ليس شيئًا يمكنك تجنبه ، إلا أن فهم أسبابه قد يكون مفيدًا , فقد ننسى لعدة أسباب، وفي بعض الحالات ، قد يؤثر عدد من العوامل على سبب نضالنا في تذكر المعلومات.

 ومن الجدير بالذكر أن النسيان لا يكون سلبي فقط بل له إيجابيات , ومن هذه الايجابيات ما يلي  :

 يعتبر النسيان في بعض المواقف الصعبة نعمة نحمد الله عليها ، قد تتجلى فوائدها في عدم تذكر الخبرات السيئة او المؤذية ، والتغاضي عن إساءات البعض تبعاً لمواقف سالبة عارضة من جهة ومن جهة أخرى تتجلى مضارها في عدم القدرة على استدعاء بعض الخبرات المهمة و اللازمة لتنفيذ استجابة ما لفظية كانت أم حركية.

وللوقاية من خطر النسيان لابد من :

  • الاهتمام بالغذاء الصحي،
  • تغيير نمط الحياة،
  • تخصيص أوقات للراحة و الاسترخاء،
  • التركيز والاهتمام
  • التعود على التذكر
  •  التدرّب على استرجاع المعلومات من الأمور التي تساعد على الوقاية من النسيان.

نصائح لتقوية الذاكرة والتركيز:

  1. 1الحرص علي أخذ قسط كاف من النوم يومياً , على ألا يقل عن 8 ساعات يوميا أثناء فترة الليل مع الحرص علي النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا.

  2. الابتعاد عن التوتر والعصبية الزائدة قدر الإمكان، والتي تزيد من الإصابة بالنسيان.

  3. تناول الغذاء الصحي المتوازن الذي يحتوي على محفزات الذاكرة ومنها الخضروات والفواكه مع الحرص على اختيار الأطعمة التي تكون منخفضة الدهون مثل السالمون واللحوم الحمراء والدجاج، وأيضا تناول كميات كبيرة من الماء بشكل يومي.

  4. ممارسة أنواع من الرياضة التي تساعد علي تنشيط الدورة الدموية، مما يزيد من القدرة على التركيز ومنها رياضة المشي أو الجري الخفيف على الأقل مرتين أسبوعيا.

  5. تنظيم الوقت وتدوين أهم الأشياء التي من الممكن نسيانها، وهذا لأن الفوضى وعدم التنظيم يساعد على النسيان بشكل كبير.

  6. اللجوء إلى ألعاب الذكاء والكلمات المتقاطعة التي بدورها تساعد على تنشيط الذاكرة.


المراجع:

  • Anderson, J. R & Milson, R. (1989). Human memory: An adaptive perspective, Psychological Review ,96, 702-719. 

  •  Hertel, P. T& Calcaterra, G. (2005). Intentional forgetting benefits from thought substitution. Psychonomic Bulletin & Review, 12, 484–489.

  •  Luria, A. R. (1968). The mind of a mnemonist: A little book about a vast memory (L. Solataroff, Trans.). New York: Basic Books.McGaugh, J. L. (2000). Memory: A century of consolidation. Science, 287, 248–25.

  • McGeoch, J. A. (1932). Forgetting and the law of disuse. Psychological Reviews, 39, 352– 370.

  •  Mensink, G,&  Raaijmakers, J. G. (1988). A model for interference and forgetting Psychological Review,95,434-455.     

  • Reed, J. M&. & Squire, L. R. (1998). Retrograde amnesia for facts and events: Findings from four new cases. Journal of Neuroscience, 18, 3943–3954.

  •   Schacter, D. L. (1999). The seven sins of memory: Insights from psychology and cognitive neuroscience. American Psychologist, 54, 182–203.
    .
  • Wixted, J. T. (2004). The psychology and neuroscience of forgetting.  Annual Reviews of Ps ychology ,55 ,235-269.  


هناك تعليقان (2):