شغف العلم الذي لا ينتهي

تقنية النانو: مستقبل العالم الجديد - ساينسوفيليا

 

 تقنية النانو: مستقبل العالم الجديد

بقلم : د وسام أحمد توفيق 
باحث علوم النانو 


تقنية النانو: مستقبل العالم الجديد - ساينسوفيليا

ظهرت منذ عدة اعوام طفرة في العلوم الحديثة في الدول الحديثة عرفت بتقنية النانو و وجدت اهتمام كبير مما ادى الى انتقال بعض الاهتمام بها في الدول النامية وغيرها من الدول. كما ظهر مصطلح علم النانو . فما هو علم النانو وما هي تلك التقنية؟ 

علم النانو هو علم يدرس خواص المواد في الحيز النانومتري والذي تبلغ أبعاد المواد المصنعة في هذا الحيز ما بين 1 نانومتر الى أقل من 1 ميكرومتر حيث تختلف الخواص الفزيائية والكميائية للمادة بشكل كبير وفعال مقارنة بهذه الخواص لنفس المواد في الحيزالكبير والتقليدي المتعارف عليه في الأزمنة الماضية.

أما تقنية النانو هي تقنية تشير إلى البحث و التطوير التكنولوجي على مستوى التعامل مع الذرة و الجزء و الجزيئات الأكبر حجما  بغرض إمكانية التحكم في صياغتها ودراسة الهياكل والمعدات التي تبلغ أبعادها ما بين 1نانومتر إلى أقل من 1 ميكرومتر فيترج ذلك إلى تطبيق فعلى في صورة منتج أو خدمة تقدم للمجتمع وتعمل على تحسين أداءه.

تتسم الأشياء في هذا الحيز- والتي تمثلها جزيئات النانو- بخواص جديدة و وظائف تختلف بشكل ملحوظ عن تلك التي نلحظها في الحيز الأكبر المعتاد.

أدت عدة صفات - كالحجم الصغير, و مرونة تشكيل السطح, وتحسن خاصية الذوبان, و تعدد الوظائف و التي تميز جزيئات النانو إلى فتح العديد من سبل و مجالات البحث الجديدة أمام العلماء في مختلف التخصصات.

استطاعت تكنولوجيا النانو التعبير عن نفسها في طائفة واسعة من التطبيقات التي يمكن أن تكون مفيدة لأغراض علاجيه و على سبيل المثال منها استخدامها كنظام ذكي دقيق لتوصيل الدواء إلى الموضع المحدد داخل جسم المريض.

ان إقامة تعديل للسطح الخارجي لجزيئات النانو يسمح لمجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد الكيميائية ، والجزيئية والبيولوجية بالارتباط بها تساهميا أو بشاكلة أخرى مما يعطي ميزات أخرى لهذا الدواء كتحسين خاصية ذوبانه و زيادة فاعليته حيويا.

النانومترهوواحد على مليار من المتر أي أن المتر الواحد يحتوي على مليار نانومتر.

قد لا تعلم ان تكنولوجيا النانو ليست أمر جديد على البشرية فقد استطاع المسلمون الأوائل استخدام انابيب الكربون النانومترية في صناعة السيوف لزيادة متانتها وقوة نصلها كما قام قدماء المصريون باستخدام الصبغات والالوان النانومترية على جدران الاثار المصرية القديمة .
أما بالإضافة إلى أنف في العصر الحديث قامت العديد من الشركات بتصنيع البوليمرات الصيدلية على مدى عقود عديدة ، والتي هي عبارة عن جزيئات كبيرة تتكون من وحدات نانومترية الحجم  وكذلك استخدمت التكنولوجيا النانوية منذ سنوات عديدة لخلق ملامح صغيرة على رقائق الكمبيوتروبالأخص خلال السنوات العشرين الماضية. ولكن التقدم في الأدوات التي تسمح بفحص الذرات والجزيئات في الوقت الراهن وبحثها بدقة كبيرة والتوسع في دراستها هو ماجعلنا ندرك حجم النانو و نميز الخصائص الجديدة التي تكتسبها المادة في هذا الحيز. تتغيرخصائص المادة في حجم النانو عن ما هو متعارف عليه عن خصائصها في حجمها الكبير.فعلى سبيل المثال نجد أن   المركبات المصنوعة من جزيئات متناهية الصغر من السيراميك أو المعادن والتي تشغل حيز من  الحجم أصغر من 100 نانومتر يمكن أن تصبح فجأة أقوى بكثير مما كان متوقعا من قبل في حيزها الكبير المعتاد.

تختلف خصائص المواد الحجم النانومتري لسببين رئيسيين :

أولا ، المواد متناهية الصغر لديها مساحة سطح أكبر نسبيا بالمقارنة مع نفس الكتلة من المواد المنتجة في شكل أكبر. هذا يمكن أن يقدم المزيد من النشاط التفاعلي الكميائي للمادة ففي بعض الحالات قد تكون  المواد خاملة في شكلها الكبير المعتاد بينما تظهر نشاط تفاعلي ملحوظ عندما يتم إنتاجها في شكلها النانومتري الحجم،وبالتالي ويؤثر على قوتها أو الخواصها الكهربائية.

ثانيا ، يمكن أن تبدأ آثارفزياء الكم بالسيطرة على سلوك المادة في الحجم النانومتري و لا سيما الخواص الضوئية و الكهربائية والالكترونية و المغناطيسية للمادة .

يمكن انتاج المواد النانويةعن طريق تصنيع هياكل صغيرة جدا من المواد الأكبر حجما ، على سبيل المثال عن طريق الحفر لإنشاء دوائركهربائية على سطح رقاقة من السيليكون وهذا يعتبر تحضير من الاكبر الى الاصغر. كما يمكن أن تبنى من خلال وضع ذرة بجانب ذرة أو جزيء بجانب جزيءكما يحدث في حالة التجميع الذاتي ، حيث تقوم الذرات أوالجزيئات بترتيب أنفسهم في هياكل متجانسة بسبب خصائصها الطبيعية وهذا يسمى التصنيع من الأصغر الى الاكبر .

تتخذ المواد النانومترية أشكال عدة منها ما هو على شكل جسيمات نانو مترية كالأشكال الدائرية و الهرمية و المربعة و المتفرعة و غيرها الكثير و منها ما هو مفرغ من الداخل أو مصمت و تتخذ أيضا شكل أجهزة متناهية الصغر في الحيز النانو متري وكل هذه النماذج منها ما هو قد تم صياغته في طور التطبيق الفعلي و منها ما هو قيد البحث و التجربة.

بعض التطبيقات المنفذة في تقنية النانو

على سبيل المثال وليس الحصر هناك واقيات الشمس ومستحضرات التجميل والتي تحتوي الجسيمات النانومترية  لثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك حيث أنها تمتص وتعكس الأشعة فوق البنفسجية من أشعة الشمس بل هي  شفافة إلى الضوء المرئي وبالتالي فهي أكثر جاذبية للمستهلك. 

هناك ايضا الجسيمات النانومترية لأكسيد الحديد و الموجودة في بعض مستحضرات أحمر الشفاه كصبغة  في بعض الدول لكنها لا تستخدم من قبل قطاع مستحضرات التجميل في السوق الأوروبي. حيث أن أثار استخدام الجسيمات النانوية في صناعة مستحضرات التجميل تحمل عدد من المخاوف حول سلامة المستهلك.

بدأت تكنولوجيا النانو بالظهور بشكل واضح في مجال التصنيع الدوائي وذلك في الأونة الأخيرة . بل لم يقتصر الأمر على ذلك بل بدأ الاندماج بين تكنولوجيا النانو و التقانة الحيوية أي التكنولوجيا الحيوية من أجل احداث نهضة في مجال تطوير الدواء و تحسين وظائفة والنهوض بصناعته و ذلك على مستوى العالم و بالأخص في دول أوروبا و أمريكا الشمالية ومن المتوقع أن التقدم في مجال  تكنولوجيا النانو سوف يكون له  تأثير فوري على. طريقة تشخيص الأمراض و الطرق العلاجية المختلفة بل و سيتم رصد وعلاج أمراض كانت تعد مستعصية من قبل  وعلاوة على ذلك، يتوقع لتكنولوجيا النانو بالتعاون مع التقانة الحيوية أن تسهم في تقديم أجيال من الأدوية الجديدة.

ظهرت تقنية النانو في المجال الزراعي بشكل كبير من حيث صناعة الاسمدة و محفزات النمو و المواد المستخدمة لعلاج التربة وكذلك المبيدات في الحيز النانومتري ولكن يفتقر تطبيق هذه المواد في المجال الزراعي الى التجربة الصادقة والبحث العلمي الفعلي والرقابة لذا يجب فرض حذر على استخدام هذه المواد في الحيز النانومتري حتى تثبت عدم سميتها على الانسان والحيوان.   


يوجد تطبيق لتقنية النانو فى مصر ولكن على نطاق محدود للغاية فوجود بعض مستحضرات التجميل الواقية من الشمس والمصنوعة بهذه التقنية كما يوجد تطبيق لها من خلال تصنيع مواد أوليه من جزيئات النانو تستخدم لأغراض البحث العلمي فى شتي المجالات كما أن تقنية النانو مطبقة فى صناعة الشرائح الذكية الموجودة فى أنواع وماركات معينة من أجهزة المحمول والحاسبات الشخصية ولكن هذه الأجهزة غير مصنعة في مصر ومستوردة من الخارج لذا لا توجد حتي الان صناعة أصيلة أستثمرت هذه التقنية علي الرغم من أن تقنية النانو قد دخلت فى صناعات ومجالات شتي فى الدول المتقدمة ومنها صناعة مستحضرات التجميل وبعض المستحضرات الدوائية كما ذكرت سابقا وصناعة الملابس ومواد البناء والأجهزة الكهربائية والألكترونية كما أن لها تطبيقات فى مجال الزراعة والتقنية الحيوية كما أستخدمت فى معالجة المياه من حيث تنقية المياه الملوثة أو إزالة ملوحاتها كما أن لها استخدامات في المجال العسكري والحربي وتوليد الطاقة وتطبيقات أخري فى مجال علوم الفضاء.

بكل تأكيد أن تطبيق هذه التقنية سيعود بالنفع علي المجتمع المصري بصفة خاصة والمجتمع العربي بصفة عامة وكما قلت سابقا فإني أوكد إنها قد غزت معظم مجالات الحياة حتي الان فمنها ما طبق بالفعل وتم تحويله إلى صناعات ملموسة ومنها ما هو قيد التجربة والبحث وكما أوضحت من قبل فإن كل ما هو مطلوب حتي هذه اللحظة لتصنيع جزيئات النانو لا يعتبر غالي الثمن ولكنه في حدود إمكانيات مؤسسات الدولة سواء كانت حكومية أو خاصة وتحضرني جملة رائعة سمعتها من أحدي أساتذي وهو الدكتور طارق الطيب الأستاذ بالمعهد القومي لعلوم الليزر بجامعة القاهرة " إن تقنية النانو هي تقنية الدول النامية" أي أنها التقنية التي ستساهم فى إنتشال الدول النامية من الجوع والمرض والجفاف. هذه التقنية ستوفر طعام ذو جودة غذائية عالية ودواء فعال خاصاً في علاج السرطان وستوفر ماء نظيف وفير فقد لا  تجد بعد الان حرب على الماء بين الدول 

إن الامر فقط يتحاج إلي صحوه نحو أهمية تطبيق هذه التقنية فى المجتمع.


هناك 5 تعليقات:

  1. شكرا جزيلا ا.د. وسام توفيق على هذه المقاله الرائعة فى مضمونها و احتوائها على نقاط حيويه واضحه فى مفهوم و اهميه تطبيقات علم النانو.. و أؤكد على اهميه استخدامات هذا التقنيه بعد التأكد من عدم سميتها على كافة المستويات... و الله الموفق..
    د. بسمه حمدى أمين
    استاذ مساعد الميكروبيولوجى
    جامعة التزهر

    ردحذف
    الردود
    1. نشكر حضرتك جدا للمتابعة دكتورة ونتشرف بانضمام حضرتك اذا حبيتي للمبادرة

      حذف
  2. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

    ردحذف
  3. شكراً جزيلاً لحضرتك على هذه المعلومات القيمه

    ردحذف