شغف العلم الذي لا ينتهي

النيكوتين بين الضرر والاستخدام الطبي - ساينسوفيليا

 

النيكوتين... ما بين أضراره و استخدامته الطبية

بقلم/ منة الله صفوت

مراجعة : د هبة هاشم 


النيكوتين بين الضرر والاستخدام الطبي - ساينسوفيليا

يعد إدمان النيكوتين والسجائر أحد أكثر أنواع الإدمان إنتشارًا، كما أن له العديد من الأضرار على صحة الفرد نفسة والمحيطين به أيضًا. في هذا المقال سوف نتعمق لنتعرف أكثر عن التركيب الكيميائي للنيكوتين وتأثيره على جسم الانسان، ما بين أضراره ومدى الاستفاده الطبيه له.


التركيب الكيميائي للنيكوتين:

النيكوتين عبارة عن مادة سائلة قلوية تحتوي على حلقة بيريدين (Pyridin) و حلقة بيروليدين (pyrrolidine) ويعد من المركبات رباعية الأمين (tertiary amine) وعند تعرض هذه المادة للضوء أو الهواء تتحول للون الأصفر.

 يتواجد النيكوتين في العديد من النباتات منها نبات التوباكو (tobacco) والذي يتم صناعة السجائر منه، كما يمكن صناعته كيميائيا في المعامل. إن وجود النيكوتين في السجائر يعد من الأسباب الرئيسية لإستهلاك السجائر وإدمانها، والذي يؤدي إلى العديد من الاضرار الصحية لرئة المدخن والمحيطين به.


السبب وراء إدمان مادة النيكوتين وكيفية تأثيرها على المخ

عند دخول مادة النيكوتين إلى الجسم سواء عن طريق التدخين أو الشم أو حتى المضغ، فإن ذلك يؤدي إلى دخول المادة إلى الجهاز التنفسي أو الهضمي و منه تصل مادة النيكوتين إلى المخ عن طريق الدم خلال ثوان قليلة وحيث أنها مادة سائلة زيتية فإن لمادة النيكوتين قدرة على النفاذية داخل المخ والمرور من حاجز الدم في الدماغ عن طريق مستقبلات تعرف باسم مستقبلات النيكوتين الكوليني (nicotine cholinergic receptors) ويعمل على تحفيز خروج بعض المواد الكيميائية بكميات أعلى من الطبيعي والتي تعمل كمحفزات للجسم وتعطي إحساس بالسعادة والنشوة والراحة مثل الدوبامين بشكل خاص وبنسب عالية مع زيادة نسب الاندروفين والسيروتونين والادرينالين والاسيتيل كولين بشكل عام. إن زيادة هذه المواد في الجسم على الرغم من أنه يعطي إحساس النشوة والسعادة إلا أن له اضرار عديدة على جسم الانسان.


أضرار مادة النيكوتين على جسم الإنسان

لقد كان النيكوتين يستخدم في السابق كمبيد للحشرات، فلك عزيزي القارئ أن تتخيل أن تلك المادة القاتلة للحشرات تدخل إلى جسدك عن طريق التدخين ونحوه، و قد منعت منظمة الغذاء و الدواء (FDA) الأطفال تحت سن الثامنة عشر من شرب السجائر أو إستعمال النيكوتين لما له من أضرار، و أصدرت بعض الدول قوانين تنص على ذلك، هناك عدة مشاكل تواجه مستخدم النيكوتين بعضها يكون في بداية الإستخدام مثل الشعور بالقئ والغثيان وآلام في المعدة والصداع، إلا أن هذه الأعراض تختفي بعد زيادة مدة الاستخدام.

أما بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون هذه المادة لفترات طويلة عن طريق السجائر ونحوها فإنهم قد يعانون من زيادة بسيطة في النشاط وزيادة في معدل ضربات القلب كما أنه يزيد من معدل التركيز ويسبب الكحة وسوء التنفس والشعور بتنميل في الأصابع كما يقلل من الشهية.


إدمان مادة النيكوتين

مع زيادة استخدام مادة النيكوتين لمدة طويلة فإن ذلك يؤدي إلى زيادة عدد مستقبلات النيكوتين الكوليني و بالتالي زيادة نسبة مادة النيكوتين المطلوبة لإعطاء نفس إحساس السعادة، حيث أن نصف عمر المادة (half-life) للنيكوتين هو ساعتين مما يؤدي إلى الاحتياج لزيادة الجرعة أو معدل التدخين كل فترة، و هو ما يؤدي إلى الإدمان وإلى ظهور الأعراض الإنسحابية لمن يريد إيقاف النيكوتين أو التدخين تمامًا كالتي يواجهها من يريد التوقف عن تناول المخدرات.


الأعراض الانسحابية لمادة النيكوتين:

 من أهم هذه الأعراض: الشعور بالقلق وعدم الارتياح والإكتئاب مع عدم الانتظام في النوم وزيادة تناول الطعام مما يؤدي لزيادة الوزن وقد يؤدي إلى نقص التركيز والصداع واضطرابات في الجهاز الهضمي.

وتبدأ هذه الأعراض من حوالي ساعتين أو ثلاث ساعات من آخر جرعة من النيكوتين وتستمر مدة تتراوح بين أيام إلى عدة اسابيع تبعًا لشدة الحالة والمدة التي قضاها في تناول مادة النيكوتين في السجائر ونحوه، وعلى الرغم من صعوبة الأعراض الانسحابية إلا انها أفضل من الاستمرار في تجرع مادة النيكوتين حيث مع الوقت قد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة لما لها من تأثير على العديد من المواد الموجودة في المخ والتي تؤثر على معظم أجهزة الجسم، ومن أهم الأمراض التي قد يسببها الاستمرار في تناول مادة النيكوتين: السكتة الدماغية وأمراض العين كإعتام عدسة العين والذي قد يؤدي للعمى، وأمراض القلب والأمراض الرئوية كإلتهابات الرئة والربو، كما قد تؤدي إلى نقص الإخصاب خاصة للرجال ومرض السكري من النوع الثاني حيث تؤثر على مستقبلات الجلوكوز في الخلايا وإلتهابات المفاصل وضعف المناعة، كما أن تناول النيكوتين مرتبط بالاصابة بعدد من أنواع السرطانات، وقد يؤدي تعرض المرأة الحامل للنيكوتين (سواء بتناوله أو عن طريق التدخين السلبي و الذي يحدث نتيجة التواجد مع شخص مدخن) إلى حدوث تشوهات في الأجنة.


الاستخدامات الطبية و التجارب العلمية على مادة النيكوتين:

على الرغم من كل الاضرار الخاصة بمادة النيكوتين إلا أن مادة النيكوتين تستخدم في التخلص من التدخين لأنه المادة المسببة لإدمان السجائر وبالتالي فإن استخدام هذه المادة بكميات قليلة وجرعات محسوبة في السجائر الإليكترونية أو نوع مخصوص من اللبان أو اللاصقات الطبية يساعد على التخلص من التدخين، كما أن خاصية هذه المادة في النفاذ من خلال الحاجز الدموي للمخ، وهي خاصية متواجدة في مواد قليلة منها النيكوتين بالاضافة لقدرة النيكوتين على زيادة التركيز والقدرة على التعرف على الأشياء قد أوحى للعلماء استخدامه لعلاج بعض الأمراض المتعلقة بالمخ مثل مرض الزهايمر وتأخير أعراض مرض شلل الرعاش لأنه يتم علاجة بتحفيز خروج الدوبامين وهو ما تفعله مادة النيكوتين، كما يبحث العلماء تأثيره على مرض الفصام والذي هو أحد الأمراض النفسية، إلا أن هذه التجارب لم تؤتي ثمارها بعد.


نصيحة طبية:

أظهرت الأبحاث أن تعرض الأشخاص لدخان السجائر (المعروف بالتدخين السلبي) نتيجة التواجد مع شخص مدخن يؤدي إلى التعرض للمواد الموجودة في السجائر منها مادة النيكوتين بنسبة أكبر من المدخن نفسه، لذلك يجب الأبتعاد عن التدخين للحفاظ على صحتنا وعلى صحة أحبابنا حيث تحتوي السجائر على النيكوتين والذي ذكرنا أضراره كما تحتوي على العديد من المواد الأخرى والتي لها العديد من الأضرار الواضحة على الجسم كأول اكسيد الكربون وغيره.


المصادر:

ليست هناك تعليقات