شغف العلم الذي لا ينتهي

حساسية الطعام لدى البالغين والأطفال - ساينسوفيليا

 

ما هي حساسية الطعام عند البالغين والأطفال، كيف يتم تشخيصها وكيف تؤثر في نمط الحياة؟



حساسية الطعام لدى البالغين والأطفال - ساينسوفيليا

الكاتب : د/ مجد بريك هنيدي 

أخصائي علم المناعة والطب المخبري - عضو الجمعية الأميركية للكلينيكال باثولجي ASCP.  




 يعد جهازنا المناعي المسؤول الأول عن صحتنا وعن نمط حياتنا، سيؤثر أي خلل يصيبه حتما وبشكل مباشر علينا. في أحيان كثيرة، يصيب هذا الجهاز خلل واضح من ناحية زيادة ردة الفعل حول بعض المواد الموجودة في بيئتنا، التي تدخل إلى أجسامنا، ومنها بعض الأطعمة اليومية لنا كبشر، ويسبب مشاكل بعضها خطير، وذلك ما نسميه حساسية الغذاء.


ما هو تعريف حساسية الطعام؟

بحسب المركز الوطني الأمريكي لأبحاث حساسية الطعام والأمراض المعدية، يمكن تعريف حساسية الطعام بأنها ردة فعل مناعية غير طبيعية تجاه الطعام، ويمكن أن يصاب الإنسان بحساسية الطعام في مختلف الأعمار، إلا أنها غالباً ما تصيب الأطفال تحت سن الثلاث سنوات. تحدث هذه الأعراض في مدة تتراوح من دقائق إلى عدة ساعات، بعد تناول الطعام، وتكون مختلفة الشدة عادة، فتتراوح بين خفيفة إلى مهددة للحياة، ويُطلق عليها عندها صدمة حساسية.

تحدث حساسية الطعام بنسبة 5% من الأطفال و4% من الكبار حسب الإحصاءات الأمريكية، وهي بازدياد ملحوظ في الأعوام الأخيرة في كل البلدان، ومنها البلدان العربية كافة، لذا تدرس أبحاث علم المناعة أسباب هذا الارتفاع، وخلصت إلى أنه قد تكون فرضية النظافة  The hygiene hypothesis عامل رئيسي بهذا الارتفاع، وتقول إن زيادة التعقيم وعدم تعرضنا لبيئة متنوعة من الأحياء الدقيقة غير الممرضة في مراحل الطفولة قد يجعل جهازنا المناعي يقوم بردات فعل مبالغ فيها وغير طبيعية عند النمو.


ما هي أعراض حساسية الطعام؟

وفقاً لدراسات مايو كلينيك الأعراض الشائعة هي ما يلي:

  1. وخز أو حكة في الفم.
  2. طفح جلدي (الشرى).
  3. تورم الشفتين أو الوجه أو اللسان أو الحلق، أو غير ذلك من أجزاء الجسم.
  4. الحكة في الفم، والشفة، واللسان، والحنجرة، والعيون، أو غيرها من أجزاء الجسم.
  5. الصعوبة في البلع. 
  6. سيلان، أو انسداد في الأنف.
  7. الغثيان.
  8. الإسهال.
  9. التقيؤ.
  10. تقلصات في المعدة، وآلام في البطن.
  11. صعوبة تنفس. 
  12. الدوار.
  13. الإغماء وفقدان الوعي.


وتضيف دراسات مايو كلينيك أن أشهر الأطعمة التي تسبب حساسية الطعام يمكن تقسيمها بين تلك التي تصيب الأطفال وتلك التي تصيب الكبار:

ففي الأطفال: تكون مسببات حساسية الطعام ناجمة عن بروتينات موجودة في الفول السوداني، والجوز، والبيض، والحليب البقري، والقمح، وفول الصويا.

أما عند الكبار والبالغين: فأغلب حساسيات الطعام تنجم عن بروتينات معينة موجودة في الفول السوداني، والسمك، والمحار، والجمبري، والروبيان والجوز.

وهي الأطعمة الأكثر شيوعاً في حدوث التحسس عند البشر، لكن يوجد مجموعة أطعمة أخرى أقل شيوعا، ومنها مثلا السمسم، والطماطم، والباذنجان، والفراولة، والعنب، والشمام، واللحوم الحمراء.


كيف يتم تشخيص حساسية الطعام؟

عند ظهور أحد الأعراض التي ذكرناها سابقاً بعد تناول أي طعام، فيجب الشك بحساسية الطعام، والحصول على مساعدة طبية، وإجراء الاختبارات المناعية المتعلقة بذلك، وهي حسب الأبحاث التي نشرتها مجلة الحساسية وعلم المناعة السريرية:

1. فحص دم: وهو أدق الاختبارات حيث يرسل الطبيب عينة من الدم إلى المخبر الطبي، لقياس الأجسام المضادة المرتبطة بالحساسية، والمعروفة باسم الغلوبولين المناعي (IgE).

2. إختبار وخز الجلد: حيث يتم وضع المواد المسببة للحساسية مباشرة على الجلد، مع ثقب الجلد قليلاً، والسماح للمواد المسببة للحساسية بالدخول إلى الجسم، وإذا ظهرت علامات الاحمرار والشرى، فإن تلك علامة تدل على أن الشخص لديه حساسية تجاه هذا المسبب للحساسية، ويعرف بأنه موجب. 

3. نظام الاستبعاد الغذائي: وهو بسيط لكنه غير مضمون النتائج وموثوق، مناسب للبالغين أكثر، وفيه يطلب الطبيب منك التخلص من الأطعمة المشتبه بها لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم إضافة مواد الطعام مرة أخرى في نظامك الغذائي الواحدة تلو الأخرى.

4. التحدي الغذائي الفموي: يُجريه طبيب المناعة في عيادته، حيث يعطي المريض البالغ كميات صغيرة، لكن متزايدة من الطعام المشتبه بأنه يسبب أعراضاً. إذا لم يعاني ردة فعل خلال هذا الاختبار، فقد يكون قادراً على تضمين هذا الطعام في النظام الغذائي الخاص به من جديد.


كيف نعلم إذا كان أطفالنا معرضون لحساسية الطعام؟ 

بحسب المركز الوطني الأمريكي لأبحاث الحساسية والمناعة، فإن وجود حساسية طعام عند أحد الأبوين، أو تاريخ أحد العائلتين، يستدعي الشك إذا ظهرت أعراض لدى أطفالنا الرضع أو الصغار، ويجب إخبار الطبيب بذلك، وإجراء الاختبارات المناسبة.


كيف أتصرف إذا علمت أن طفلي لديه حساسية طعام؟

بحسب توصيات دورية الحساسية وعلم المناعة السريري: 

1. ينبغي تسجيل أنواع الأطعمة التي تسبب مكوناتها الحساسية، وإخبار المشرفين على الطفل في الحضانة أو المدرسة، وتعويد الطفل على معرفة وقراءة الملصقات التي تذكر مكونات المنتجات الغذائية. 

2. الاحتفاظ بأدوية يصفها الطبيب، في حالة حدوث حالات طارئة بعد تناول الطعام عن طريق الخطأ، وجعلها في متناول كل من يعتني بالطفل، مثل الإبينيفرين ومضادات الهيستامين والستيرويد، ثم طلب مساعدة طبية عاجلة بعدها.


لاتزال أبحاث علم المناعة في تقدم يومي، وكلها تدور وتبحث في كيفية عمل جهازنا المناعي، ومدى إمكانية السيطرة الفعالة على ردود فعله المبالغ بها، كأمراض الحساسية، أو شلله في كثير من الأحيان عبر انتصار بعض الأمراض والفيروسات، وهذا سيؤدي حتما لبعض العلاجات الجذرية، وتطوير أدوية فعالة أكثر، واختبارات أدق لموضوع الحساسية الغذائية أو التنفسية في المستقبل.


:المصادر

ليست هناك تعليقات