شغف العلم الذي لا ينتهي

حالة حمل ورضاعة لمسنة بلغت الـ 67 عاماً من عمرها - ساينسوفيليا

 

إعجاز إلهى: حالة حمل ورضاعة لمسنة بلغت الـ 67 عاماً من عمرها !! 

اعداد وترجمة : آسيا عبد الكريم  
مراجعة علمية وتدقيق: د. أحمد سعيد 

حالة حمل ورضاعة لمسنة بلغت الـ 67 عاماً من عمرها - ساينسوفيليا

إذا سمعت خبرا أن سيدة فى العقد الثاني أو الثالث أو الرابع ربما تضع طفلها الأول وتتمكن من إرضاعه رضاعة طبيعية لن يلفت ذلك إنتباه أى شخص. لكن عندما نسمع أن هناك سيدة حملت في طفلها ووضعته وتمكنت من إرضاعه وهي فى الثامنة والستين من العمر فهو خبر علمي جلل يستدعي التوقف والتدقيق .هل أصبح حمل المسنات ممكنا فعلا؟ 

متى بدأت قصتنا؟ بدأت قصتنا في عام 1976 عندما نجحت أول تجربة للحمل بإحدى التقنيات المساعدة على الإنجاب وهي تقنية أطفال الأنابيب IVF.
ومنذ ذلك الحين ظهر أمل جديد لكل الحالات التي لم تتمكن من الإنجاب سواء باستخدام تقنية أطفال الأنابيب أو غيرها من التقنيات المساعدة على الإنجابART. 
وتشير الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية أن 1.7% من الأطفال مولودون بإحدى هذه التقنيات . 

حمل المسناتEldery Gravida ومخاطره: 

حمل المسنات هو الحمل عند السيدات أكبر من ٤٥ عام  وهو ما لم يكن متاحا في السابق، لكنه أصبح ممكنا خصوصا مع التبرع بالبويضات وتقنية IVF.
حيث زادت معدلات الحمل للسيدات أكبر من 40 عام بنسبة70% في العشرين سنة الأخيرة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1997-1999 سجلت 539 حالة ولادة لسيدات فوق الأربعين، منهم 194 سيدة تخطين سن الخامسة والخمسين.

وهناك حالة واحدة مسجلة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية حيث كانت الأم في 66 أما حالتنا حدث الحمل في 67 وعندما وضعت مولودتها كانت قد أتمت 68 عام. 
ويشكل الحمل في هذا العمر خطورة على الأم والجنين وتتنوع المخاطر بين :

  • تسمم الحمل،
  • سكر الحمل،
  • الولادة المبكرة في الشهر السابع
  •  وتشوه الأجنة.
 وقد يزيد معدل الخطورة في حالة الأمراض المزمنة مثل إرتفاع ضغط الدم مما يجعل التحكم في فترة الحمل أكثر صعوبة. 

معلومات عن الحالة وتاريخها المرضي 
حالتنا هي سيدة في السابعة والستين من العمر وهي حامل لأول مرة .
لديها تاريخ مرضي مع إرتفاع ضغط الدم والسمنة وأربع حالات إجهاض سابقة. 
تم الحمل باستخدام بويضة تبرعت بها سيدة شابة (22 سنة) عن طريق IVF ونطفة من الأب الذي يبلغ 74 عاما.

وتمكنت الأم من إرضاع طفلتها طبيعيا لمدة ستة شهور. وبمقارنة كل حالات المسنات تعد أكبرهن سنا.
 الحمل في هذا العمر يشكل خطورة على الأم وجنينها. وليس هناك خطوات أو معلومات واضحة وموثوقة لحالات الحمل تلك وكيفية سير فترة الحمل وماهي المخاطر المتوقعة.

 تمت متابعة الحالة من قبل فريق طبي متعدد التخصصات من جامعة بايلور الأمريكية للطب وضم هذا الفريق: 

  • قسم طب الأم والجنين:Leila Magistrado
  •  طبيبة تخدير:Mary CTolcher
  • قسم بيولوجيا الجينات البشرية: Anju Suhage
  • قسم بيولوجية الخلية الجزئية: Sonal Zambera/ Kjersti M. Agaard.
وكانت تتم مراقبة الأم طبيا بشكل دقيق وخاصة وظائف القلب. وتمت الولادة القيصرية بعد تعرض الأم لانخفاض وظائف البطين الأيسر وارتجاع الصمام الميترالي. 

الحالة الصحية للأم أثناء فترة الحمل : 
لإجراء هذه الدراسة ومتابعة فترة حملها تم أخذ موافقة كتابية من الأم لنشر المعلومات من غير نشر صور لها.
 كما أخذت موافقة IRB وهي موافقة من مجلس أخلاقيات البحث العلمي في كافة البحوث العلمية التي تتضمن عنصر بشرى. 
وفي أولى الزيارات لها في عيادة حالات النسا عالية الخطورة أجريت فحوص معملية وحيوية أظهرت سلامة الأم. 
وكان ضغط دمها طبيعي بالنسبة لعمرها وتاريخها الطبي دون تناول أية أدوية


وبدأت في تناول الأسبرين 81 مليجرام لاحتمالية تعرضها لتسمم الحمل، وخلال المؤتمر الأسبوعي للفريق الطبي المتابع لها أجريت فحوصات لوظائف الكلى والكبد وechocardiagram  (فحص القلب بالموجات الصوتية) لتتبع حالتها الصحية واكتشاف أى مشكلة صحية قد تطرأ.

 لكن تبعا لتوصيات كلية طب النساء والتوليد الأمريكية قد تفشل هذه الفحوصات في الكشف الدقيق عن حالتها الصحية لذلك أوصت بسلسلة من الفحوصات تضمنت:-

  • تحاليل تقيس مواد عديدة بالجسم comprehensive metabolic profile.
  • مستويات هذا الهرمون العالية تشير إلى مشاكل في القلب(BNP ) Brain nutriuretic peptide)).
  • تحليل تجميع البول على مدار ٢٤ ساعة كل (6-12) أسبوع. 

مع التأكيد على الإلتزام بالزيارات الدورية لمتابعة الحمل. وفي الأسبوع 31 وأثناء موعدها الروتينى كانت السيدة تعاني من سعال استمر لأسابيع لم يتحسن مع العلاج وتورم بأطرافها السفلية استمر لأربعة أيام هنا لاح في الأفق خطر الإصابة بفشل القلب أو تسمم الحمل. 

وأجريت العديد من الفحوصات: -

  • تحاليل وظائف الغدة الدرقية TSH / fT4. BNP.
  •  رسم القلب .echocardiogram.
  • أشعة doppler على الأطراف السفلية.
  • تصوير الصدر بأشعة X.
أغلب النتائج كانت سليمة. وأظهرت أشعة X تضخم بسيط في عضلة القلب واحتقان في الوريد الرئوي المركزي. وبعد يومين من الرعاية الطبية كانت حالة الأم مستقرة وطبيعية. 

الولادة القيصرية تمت في الأسبوع 35 وأثناء فحص الطبيب للقلب سمع صوتا غير طبيعي وهو يدل علي مشكلة إرتجاع الصمام الميترالي، وأظهر echocardiogram انخفاض بوظائف البطين الأيسر وتورم في الجسم وهي إشارة لتسمم الحمل وهنا أخذ قرار بالولادة القيصرية باستخدام البنج النصفي بموافقة كتابية منها. 

وكانت العملية القيصرية سلسة وهادئة ولم تظهر أي صعوبات خلال العملية. وضعت الأم تحت الملاحظة بعد الولادة ترقبا لحدوث مضاعفات مثل العدوى، الصداع الناتج عن ثقب الجافية أو تدمير العصب خلال استعمال البنج النصفي أو delyed respiratory deression حيث يحدث اضطراب في التنفس ينتج عنه نقص في التهوية الرئوية. لكن لم تحدث أي مضاعفات كما تحسنت نتائج echocardiogram وكذلك تمت السيطرة على احتباس سوائل الجسم. 

وتواجه النساء المسنات أثناء الحمل صعوبات عدة : 
العمر المتقدم والحمل والولادة يرتبط الحمل في عمر متقدم بخطورة عالية على الأم والجنين تتمثل في تشوهات الأجنة، سكر الحمل، اضطرابات ضغط الدم وولادة طفل ميت خاصة إذا كان الحمل الأول للسيدة في عمر متقدم. 

كما أوضحت الدراسات أن هناك مخاطر أخرى مرتبطة بالحمل في سن أكبر من 45 عام مثل نزيف ما بعد الولادة والمشيمة المنزاحة (تغير في المكان الطبيعي للمشيمة بحيث تكون قريبة من عنق الرحم). 

كما يزيد الحمل في عمر متقدم جدا من احتمالية وجود أمراض جينية عند المواليد مثل التوحد، الفصام single gene mutation. وفي حالتنا أجريت للأم العديد من الفحوصات للتأكد من سلامة الجنين. 

وقد أظهر Fetal anatimy survey (فحص الجنين بالموجات الصوتية ويتم في الأسبوع19) وجود عيب في الحاجز البطينى وPyelectasis ( توسع الحوض الكلوي). 
وأجريت مجموعة أخرى من الفحوصات مثل: -  

  • فحص عالي الدقة للكشف عن عيوب الكروموسوماتNonivasive paternal testing.
  • اختبار لتشخيص الاضطرابات الجينية عند الأجنة Amniocentesis.
  • فحص الآباء للكشف عن العيوب الجينية غير الظاهرة والتي قد تورث لأبنائهم Carrier screening testing.
  • اختبار الكروموسوم لخلايا الأبوين غالبا خلايا الدم البيضاء للكشف والتعرف على المشكلات الجينية Parental karytype.
  • فحص للبحث عن الشفرات الجينية المضاعفة أو المفقودة والتي قد ينتج عنها مشكلات جينية (CMA)Chromosomal micrarry analysis. 
لكن جميع الفحوصات لم تظهر أي نتيجة غير طبيعية تدل علي مشكلة جينية. وأيضًا لم تواجه مشكلة أثناء التخدير. 

لكن هذه الفئة العمرية معرضة لمخاطر عدة أثناء التخدير خاصة البنج النصفي، وذلك بسبب تغييرات فسيولوجية طبيعية في الحبل الشوكي نتيجة للتقدم في العمر. 
وفي هذا العمر يوجد اعتبار حدوث مضاعفات ما بعد الولادة وتغيرات ناتجة عن العمرالمتقدم مثل نقص كريات الدم البيضاء، تغيرات في الدورة الدموية كما توجد احتمالية حدوث خلل معرفي تابع للعمليات الجراحية. 

الرضاعة الطبيعية مع التقدم في العمر تحدث تغيرات في الثدي تسمى Lobular involution تقلل من تعقيد تركيب الغدد الثديية وبالتالي القدرة على الإرضاع. إلا أن الرضاعة الطبيعية مرتبطة بشكل رئيسي بهرمون البرولاكتين الذي يحفز نمو وتمايز نسيج الثدي والأوكسيتوسين المسئول عن إفراز الحليب. 
وعلي عكس التوقعات التي تشير إلي عدم تمكن الأم ذات العمر المتقدم من القيام بعملية الرضاعة الطبيعية تمكنت حالتنا من إرضاع صغيرتها طبيعيا لمدة ستة شهور.  


موضوع حمل المسنات يحمل في طياته العديد من التحديات والمشكلات التي تتعلق بصحة الأم والجنين بالإضافة إلى أمر آخر وهو توفير الرعاية الأبوية اللازمة للطفل.
 فهناك العديد من التساؤلات حول هذا الأمر هل يتمكن الآباء في هذا العمر المتقدم من تقديم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة للطفل. في حين أن الأشخاص في هذا العمر يحتاجون لرعاية وفي غالب الأحوال لا يستطيعون تقديمها.

 كما يوجد احتمال فقد الطفل لوالديه حتي قبل وصوله لفترة المراهقة. لكن لا يمكن تجاهل هذه الحالة التي مرت بتجربة حمل بعد سن الستين آمنة بدون المضاعفات التي كان من المتوقع حدوثها أثناء فترة الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها. لذلك فهي تعتبر حالة واعدة جدا أضافت معلومات جديدة لحالات الحمل في العمر المتقدم. 
 

المصدر: 

ليست هناك تعليقات