شغف العلم الذي لا ينتهي

الفرق بين التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي - ساينسوفيليا

 

 التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي (الفروق بينهما وتطبيقات كلا منهما)

إعداد/ هالة عاطف عبد الرؤوف 

 مراجعة دكتور/ محمد أمين البهنساوى

تدقيق لُغوي/ نور الهدى سعد

الفرق بين التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي - ساينسوفيليا

للكيمياء العديد من التطبيقات في حياتنا اليومية؛ بدايةً من طريقة بناء خلايانا للحصول على الطاقة وصولًَا إلى الصناعات الكبرى التي تعتمد بشكل أساسي على الكيمياء بمختلف فروعها.

ولقد علمنا فيما سبق من خلال سلسلة مقالات (الكيمياء في حياتنا) الجانب السلمي من الكيمياء، وقد رأينا أيضا الجانب السيء لها في حادثة انفجار بيروت بسبب نترات الأمونيوم إضافة إلى انفجار هيروشيما الغني عن التعريف، هنا يتبادر إلى أذهاننا كيف تكون الكيمياء بكل هذه الشخصيات المتعددة؟ وما الذى يميز تفاعل عن الأخر؟ وما هو التفاعل الكيميائي؟ وما هو التفاعل النووي؟ كيف يحدث كلا منهما؟ وما الفرق الجوهري بينهما؟

الذرة هي السبب في هذا الاختلاف وطريقة مشاركتها في التفاعل هي التي تحدد ما إذا كان التفاعل كيميائي أو نووي، ولكن كيف ؟

الذرة هي أصغر وحدة في المادة وهى التي تحدد خصائصها، وهي تتكون من بروتونات (موجبة الشحنة)  ونيترونات (متعادلة الشحنة) _ويطلق عليهما معا نيوكليونات_ وهما مرتبطان معا في نواة الذرة بواسطة القوة النووية القوية، وإلكترونات تقل كتلتها بنحو 2000 مرة عن النيوكليونات، ويتم الاحتفاظ بها في مدار حول النواة بواسطة القوة الكهرومغناطيسية .

ويتمثل الاختلاف الأساسي بين التفاعلات الكيميائية والتفاعلات النووية في تحديد الجسيمات دون الذرية التي يُعاد ترتيبها في عملية التفاعل والتحول .

ففي التفاعلات الكيميائية مثل صدأ المعادن أو احتراق الخشب يحدث إعادة توزيع للإلكترونات بين الذرات؛ ولنأخذ مثلا عملية التحليل الكهربائي للماء فهو تفاعل كيميائي يتم فيه إعادة ترتيب الإلكترونات التي تدور حول نواة الهيدروجين والأكسجين بحيث لم تَعُد مشتركة بين بعضها البعض ولكن يتم مشاركتها مع نواتي هيدروجين وأكسجين أخرى .

بينما تتضمن التفاعلات النووية إعادة توزيع النيوكليونات على سبيل المثال في تفاعل الاندماج النووى للبروتون والبروتون تندمج نواتا ذرتين من الهيدروجين معا لتكوين الهليوم؛ وبالتالي يمكن فقط للتفاعلات النووية أن تشكل عنصرًا مختلف تماما عن العنصر البادئ للتفاعل .

أما الاختلاف الثاني فهو متمثل في الطاقة حيث تنقسم التفاعلات الكيميائية إلى تفاعلات ماصة للحرارة وتفاعلات طاردة للحرارة، ويتم تحديد نوع التفاعل من خلال الطاقات النسبية لمواد البداية والمواد النهائية فمثلا غاز النيتروجين مستقر للغاية ومنخفض الطاقة فإذا تفاعل مع غاز الهيدروجين لتكوين الأمونيا _وهو مادة كيميائية أعلى في الطاقة_ فيجب امتصاص الطاقة حتى يستمر التفاعل لذلك فإن هذا التفاعل ماص للحرارة، وبالنسبة للتفاعلات الكيميائية فإن تحديد الطاقات النسبية للأنواع المعنيَّة هو موضوع معقد للغاية للكيمياء الفيزيائية ومع ذلك يمكن للمرء غالبا التنبؤ بالطاقات النسبية للمركبات من خلال قوة الروابط التي تحتوي عليها.

أما عن التفاعلات النووية فإنه يتم إجراءها بشكل طارد للحرارة لجميع الأغراض العملية؛ أي أن الأنواع عالية الطاقة يتم تحويلها إلى أنواع منخفضة الطاقة ويتم استخدام الطاقة المنبعثة لأغراض عملية .

لحسن الحظ بالنسبة للتفاعلات النووية يتم تحديد الطاقات النسبية للأنواع بشكل جيد من خلال طاقات الارتباط النووي لكل عنصر؛ يتم تعريف طاقة الربط النووية على أنها الطاقة المطلوبة لتفكيك النواة من الذرة، ويتم تحديد طاقة الارتباط النسبية لكل عنصر من خلال مفاضلة بين القوة النووية القوية التي تربط النيوكليونات معا و التنافر الكهروستاتيكي للبروتونات، ولأن القوة النووية القوية عبارة عن تفاعل قصير المدى فإن النيوكليونات تساهم في البداية في استقرار الذرة ولكنها في النهاية تصبح غير مواتية بسبب التنافر الكهروستاتيكي .

وللتوضيح يمتلك الحديد النواة الأكثر استقرارًا وبالتالي فإن العناصر الأقل في العدد الذري من الحديد يمكن لأنويتها أن تندمج لتكون عنصرا أكثر استقرارا وبالتالي إطلاق الطاقة، وعلى العكس من ذلك يمكن أن تخضع العناصر ذات العدد الذري الأكبر من الحديد للانشطار لتكوين عناصر أكثر استقرارا مما يؤدى مرة أخرى إلى إطلاق الطاقة.

والسؤال الآن لماذا يكون إطلاق الطاقة من تفاعل نووي أكبر بكثير من إطلاقه من تفاعل كيميائي ؟

فالطاقة المخزنة في رابطة نووية في حدود واحد مليون إلكترون فولت، من ناحية أخرى تقوم الرابطة الكيميائية النموذجية بتخزين الطاقة في حدود واحد إلكترون فولت أي أقل بمليون مرة.

حسنا، الأمر أن هناك عاملان رئيسيان يساهمان في كثافة الطاقة للنواة:

- أولا على الرغم من قصرها على مدى قطر نواة متوسطة الحجم فإن القوة النووية القوية أقوى ب137 مرة من القوة الكهرومغناطيسية على مسافة معينة؛ لذلك يتم تخزين طاقة أكثر بكثير بين النيوكليونات مقارنة بالإلكترون والبروتون.

- وثانيا النواة أكبر بكثير من سحابة الإلكترون المحيطة حيث يوجد أكثر من 99.94 % من كتلة الذرة في النواة، ووفقًا لصيغة أينشتاين الشهيرة E=mc.c فإن الطاقة المصاحبة للتفاعل نووي تكون أكبر بكثير من الطاقة الناتجة من تفاعل يتضمن إلكترونات فقط .

مع وضع هذين العاملين في الاعتبار ربما يكون من غير المفاجيء أن كيلوغرامًا واحدًا من اليورانيوم يمكن أن يمد الولايات المتحدة بأكملها بالطاقة لمدة ثلاث دقائق.

تطبيقات كلا منهما فى حياتنا:

حاليا يتم إجراء تفاعلات كيميائية لمجموعة رائعة من التطبيقات بما في ذلك إنتاج الوقود والبلاستيك والصابون والمنظفات والأدوية، أما عن التفاعلات النووية فقد بدأت أول محطة طاقة لإنتاج الكهرباء باستخدام الحرارة الناتجة عن انقسام ذرات اليورانيوم في العمل في الخمسينيات، كما يدرك معظم الناس اليوم أهمية مساهمة الطاقة النووية في توفير نسبة كبيرة من الكهرباء النظيفة .

وللنظائر المشعة ومفاعلات الطاقة استخدامات أساسية عبر قطاعات متعددة بما في ذلك المنتجات الاستهلاكية والأغذية والزراعة والصناعة والطب والبحث العلمي والنقل وموراد المياه والبيئة .

إذن الفرق بين التفاعلات الكيميائية والتفاعلات النووية:

يعتمد الاختلاف الرئيسي بين التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي على كيفية ومكان حدوث التفاعل في الذرة، دعونا نلقي نظرة على الاختلافات أدناه:


المصادر:

ليست هناك تعليقات