شغف العلم الذي لا ينتهي

الجينات المثبطة للورم - ساينسوفيليا

 الجينات المثبطة للورم 

بقلم: حنان محمد
مراجعةعلمية: آية محمد شكري
تدقيق لغوي: نور الهدى سعد
الجينات المثبطة للورم - ساينسوفيليا


الجينات المثبطة للورم (tumor suppressor genes) أو (anti-oncogene) هي جينات تنتج بروتينات تنظم انقسام ونسخ الخلايا داخل جسم الكائن الحي، وبالتالي تلعب دوراً في الحفاظ على انقسام الخلايا وجعلها تحت السيطرة، وعند فقد هذه الجينات الكابحة للورم أو حدوث طفرة بها بحيث تفقد نشاطها يمكن للخلية أن تبدأ بعد ذلك في الانقسام بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وهذا يساهم في تطور السرطان (cancer).

تصنيف الجينات المثبطة للورم
يمكن تصنيف الجينات المثبطة للورم إلى مجموعتين رئيسيتين:
  1.  Caretaker genes و تعرف بجينات الحماية.
  2.  Gatekeeper genes وتعرف بجينات الحراسة.
تقوم جينات caretaker بإنتاج بروتينات تعمل على استقرار الجينوم وتعتبر هذه الجينات هي خط الدفاع الأول؛ لأنها تمنع حدوث طفرات عن طريق تنظيم دورة انقسام الخلية وإصلاح المادة الوراثية مما يعمل على استقرار الچينوم، ويؤدي أي خلل في جينات الحماية(caretaker) إلى عدم الاستقرار الجيني وهو سبب لحدوث السرطان.
أما جينات الحراسة  gatekeeper فهي خط الدفاع الثاني؛ لأنها مسئولة عن إنتاج بروتينات تحفز عملية الموت الخلوي المبرمج(apoptosis) يحدث هذا الموت المبرمج للخلايا التالفة والتي تعتبر نواة لتكوين الورم السرطاني.

فرضية الضربتين (two-hit hypothesis)
كل جين في جسم الإنسان يعبر عنه بنسختين كل نسخة تسمى allele)) أي أنه لكل جين (two alleles) تنتج هاتان النسختان بروتين معين، فإذا حدث تلف في إحدى النسختين أو كليهما يحدث خلل في تخليق هذا البروتين.

في حالة الجينات المثبطة للورم إذا حدث تلف في إحدى نسختي الجين المثبط للورم، تظل النسخة الأخرى قادرة على إنتاج بروتين طبيعي أي أنه حتى يتوقف الجين الكابح للورم عن عمله يجب حدوث التلف في نسختي الجين معاً (two alleles وتُعرف هذه الفرضية بفرضية الضربتين (Two-hit hypothesis) للعالم (Knudson's) _طبيب وعالم جينات حائز على عدة جوائز عالمية_ وبذلك يعتبر تلف البروتينات المسؤولة عن تثبيط الأورام من الصفات المتنحية في الإنسان.

وظيفة الجينات المثبطة للأورام:
ينتج عن هذه الجينات بروتينات تعمل على تنظيم عملية الانقسام الخلوي وبالتالي منع ظهور الخلايا السرطانية ويتم ذلك بعدة آليات منها:
  1. التحكم في الجينات الرئيسية في دورة انقسام الخلية (cell cycle وذلك للحد من الانقسام الزائد للخلايا مما يمنع ظهور الأورام.
  2. ضمان اقتران دورة الخلية بسلامة الحمض النووي (DNA)، أما إذا كان هناك تلفاً في الحمض النووي في الخلية فلا ينبغي أن يكتمل انقسام الخلية، وذلك لتجنب حدوث طفرات قد تؤدي إلى أورام.
  3. موت الخلايا المبَرمج (programmed cell death) إذا كان هناك تلف في الخلية لا يمكن إصلاحه؛ يجب أن تبدأ الخلية في موت الخلايا المبرمج لتجنب الإصابة بأي أمراض.
  4. التصاق الخلية cell adhesion))؛ حيث تنتج الجينات المسئولة عن الالتصاق الخلوي بعض البروتينات التي تمنع الخلايا السرطانية من الانتشار وتعرف هذه البروتينات ب (metastasis suppressors).
  5. إصلاح الحمض النووي (DNA repair)، تقوم جينات الحماية caretaker بإنتاج البروتينات التي تعمل على إصلاح الطفرات؛ حيث يؤدي وجود الطفرات إلى تعطيل مثبطات الأورام وتنشيط الجينات المسرطنة.
 
أمثلة للجينات المثبطة الورم:
  1. بروتين الورم الأرومي الشبكي  Retinoblastoma  protein (pRb): كان أول بروتين مثبط للورم يُكتشف في شبكية عين الإنسان، وهو الجين الحارس الذي يمنع تكاثر الخلايا وينظم انقسام الخلايا ويحفز موتها، حيث يمنع pRb الخلية من التقدم إلى منطقة S (مرحلة تصنيع المادة الوراثية في دورة انقسام الخلية) من خلال الارتباط بE2f  وتثبيط نسخ الجين الضروري، وهذا يمنع الخلية من تكرار الحمض النووي إذا كان هناك ضرر. 
  2. P53 وهو جين يقوم بالعديد من الوظائف مثل إصلاح الحمض النووي، إحداث موت الخلايا المبرمج، نسخ وتنظيم دورة الخلية، والطفرة التي تحدث في هذا الجين تشترك في العديد من أنواع السرطان التي تصيب الإنسان، ومن بين 6.5 مليون شخص مصاب بالسرطان كل عام يرتبط 37% منهم بطفرات p53 مما يجعلها هدفاً شائعاً لعلاجات السرطان الجديدة، وقد تم العثور علي فقدان متماثل الزيجوت Homozygous من p53 في 65 % من سرطان القولون و50% من سرطانات الرئة. 
  3. BCL2 هي عائلة من البروتينات التي تشارك إما في تحفيز أو تثبيط موت الخلايا المبرمج ، وتتمثل الوظيفة الرئيسية في الحفاظ علي تكوين الميتوكوندريا(mitochondria)، ومنع انتشار السيتوكروم ج (cytochrome c) في العصارة الخلوية، فعندما يتم تحرير السيتوكروم ج من الميتوكوندريا يبدأ سلسلة إشارات لبدأ موت الخلايا المبرمج.
  4. SWI/SNF عبارة عن معقد لإعادة تشكيل الكروماتين ويُفقد في حوالي 20% من الأورام، يتكون المركب من 10 إلى 20 وحدة فرعية مشفرة بواسطة 20 جين مختلف، يمكن أن تؤدي الطفرات في المجمعات الفردية إلى خلل مما يضر بقدرة المركب على العمل ككل، SWI/SNF لديه القدرة على تحريك النيكلوسومات والتي تكثف الحمض النووي مما يسمح بالنسخ أو منع النسخ لجينات معينة، وقد يؤدي تغيير هذه القدرة إلي تشغيل أو إيقاف الجينات في أوقات خاطئة.
وهناك العديد من مثبطات الأورام الأخرى مثل pVHL ، APC ،ST5

مع تقدم العلم أصبح بإمكاننا الآن معرفة التركيب النووي لكثير من الجينات المثبطة للأورام، وبالتالي تحديد أسباب أنواع مختلفة من السرطانات مما يعطي نظرة ثاقبة حول كيفية علاج أنواع السرطان المختلفة في المستقبل.

المراجع العلمية:

ليست هناك تعليقات