شغف العلم الذي لا ينتهي

الأغشية الرقيقة تاريخ طويل ومستقبل مشرق - ساينسوفيليا

  
الأغشية الرقيقة تاريخ طويل ومستقبل مشرق

الأغشية الرقيقة تاريخ طويل ومستقبل مشرق - ساينسوفيليا

بقلم: هبة رضا
مراجعة علمية: د.أحمد نشأت النجار
عند الذهاب إلى التسوق وشراء منتجٍ ما تجد أن هناك أنواع مختلفة بأسعار مختلفة علي الرغم من أن جميعهم مصنوعين من نفس الخامات الأساسية وبنفس طريقة التصنيع ولكن مع ذلك تتدرج مواصفتهم الفنية وخصائصهم الفيزيائية بصورة ملموسة وهذا ينعكس على السعر بكل تأكيد.
ولكن كيف يمكن تغيير بعض الخصائص الفيزيائية لمادة معينة بحيث تعطى كفاءة أكبر حسب التطبيق؟ الإجابة هنا بدأت باستخدام تقنية الأغشية الرقيقة.
حيث يتم ترسيب طبقة تسمي بالأغشية الرقيقة (Thin film) وهي الطبقة المكونة من المادة نفسها أو أي مادة مختلفة بحيث يكون سمكها في حدود من النانومترات إلى أجزاء من الميكرومتر وأكثر من ذلك يمكن اعتبارها أغشية سميكة.
  

         
ما الهدف من الأغشية الرقيقة؟
تم الاتجاه للأغشية (الأفلام) الرقيقة من أجل نقل الخصائص التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة (أو عدم الوصول إليها على الإطلاق) بواسطة المادة الأساسية، كما أنها تغير من التفاعلات السطحية وتساعد في الحماية (المنتج) من التآكل أو الصدأ وتحسين جودته وبالتالي رفع قيمته في الأسواق التجارية بتكلفة أقل، على سبيل المثالالمرايات في المنازل من أبسط استخدامات الأغشية أو الأفلام وهي عبارة عن لوح من الزجاج الشفاف عليه طبقة رقيقة من الفضة، وبالطبع هي أرخص من استخدام انعكاس صورتك على لوح من الفضة بالكامل. كما تُستخدم أغشية الكروم لإنشاء طلاءات معدنية صلبة على أجزاء السيارة وذلك لحمايتها من الأشعة فوق البنفسجية دون الحاجة إلى استخدام كمية كبيرة من المعدن مما يوفر الوزن والتكلفة. كما تدخل هذه التقنية بشكل كبير في تصنيع أجهزة أشباه الموصلات وهي صناعة تعتمد كلياً على تكوين أغشية صلبة رفيعة من مجموعة متنوعة من المواد عن طريق الترسيب.
هل جميع الأفلام الرقيقة متشابهة؟
بالطبع لا، حيث تحتوي الأفلام الرقيقة على مجموعة من الخصائص بناءً على الأنواع المختلفة المستخدمة في عدد كبير من التطبيقات والطرق التي يتم التحضير بها. فقد تكون خصائص مثل الصلابة والخصائص الضوئية والكهربية بالتأكيد وهذا مرتبط بعدة عوامل منها العلاقة بين مادة الفيلم والمادة المرسب عليه، كما تختلف الخصائص التي تتأثر بحجم الحبوب (نقطة الانصهار، درجة حرارة التلبيد والصلابة ... إلخ).
تاريخ الأغشية الرقيقة:
تاريخ تكنولوجيا الأغشية الرقيقة قديم ومتشعب بداية من خمسينات القرن الماضي حتى الآن وباختصار يمكن استعراض أهم مراحل تطور الاغشية الرقيقة:
(1850) تطوير تقنيات الترسيب الأولى (M.Faraday; W.Grove; T.A.Edison) وطرق تحديد السمك بواسطة (Arago, Fizeau; Wernicke; Wiener).
(1965) تطورات تقنية الأغشية الرقيقة مع تطور طرق التحضير لتصبح جزءً لا يتجزأ من التصنيع الشامل لأشباه الموصلات والصناعات البصرية.
(1988) استخدام تكنولوجيا الأغشية الرقيقة في تحضير الموصلات الفائقة وظهور (High Tc-Superconductors).
(2000) تصنيع المواد البلورية النانوية بتكوين هيكل محدد للتطبيقات كطلاءات واقية ثنائية وثلاثية الأبعاد بأحجام في نطاق نانومتر.
(2006) الدراسات على الطلاءات العضوية تؤدي إلى ظهور الإلكترونيات العضوية (OLED، دوائر قابلة للطباعة). 2010)) إعداد وتوصيف النماذج الأولي للمادة ثنائية الأبعاد (2D) الجرافين و تقديم شاشات اللمس الصلبة الموثوقة لوسائط الاتصال (Smartphone).
(2015) إنشاء هياكل غير متجانسة مصنوعة من مواد ثنائية الأبعاد وانطلاق تصنيع أجهزة إلكترونية مرنة.
تحضير الأغشية الرقيقة:
تنقسم طرق تحضير الأغشية الرقيقة إلي طرق كيميائية مثلالطلاء، ترسيب المحلول أو البخار الكيميائي  والتحسين بالبلازما....إلخ وطرق فيزيائية مثل ]التبخير، الطرطشة (sputtering)، التبخر بشعاع الإلكترون (electron beam evaporation)، الترسيب بالليزر والترسيب الكهروهيدروديناميكي (الترسيب بالرش الكهربائي)...إلخ[، وهناك عدد كبير من العمليات التي تعتمد على التفريغ المتوهج والرشاشات التفاعلية التي تجمع بين التفاعلات الفيزيائية والكيميائية و يمكن تصنيف هذه العمليات المتداخلة على أنها طرق فيزيائية – كيميائية  وغيرها من طرق التحضير.
كيفية تحضير الاغشية الرقيقة بالطرق الفيزيائية:
سوف نتناول أبسط الطرق الفيزيائية كالاتي:   
التبخير (Evaporation): على الرغم من أنها أكثر الطرق انتشاراً وأقدم التقنيات المستخدمة في ترسيب الأغشية الرقيقة، فالتبخر الحراري لا يزال يستخدم على نطاق واسع في المختبرات وفي الصناعة بالذات للمعادن والسبائك المعدنية، وتعتمد على نوع ودرجة حرارة المادة المراد ترسيبها.
يتم تنفيذ الخطوات الأساسية المتسلسلة التالية:
يتم تفريغ الوعاء تحت ضغط مناسب لتجنب حدوث أي تلوث أثناء عملية الترسيب.
تسخين المادة المراد ترسيبها عن طريق التسخين الكهربي أو أي طريقة أخرى.
يتم الاستمرار في عملية التسخين حتى الوصل إلى درجة غليان المادة وبالتالي حدوث تبخر للمادة، يُنقل البخار من المصدر إلى الركيزة(substrate).
يتم تكثيف البخار على سطح الركيزة إلى أن نصل إلى السمك المطلوب كما هو مبين في الشكل.


وعلى الرغم من بساطة هذه الطريقة ومثاليتها للمواد شبه الموصلة صاحبة درجة الانصهار الصغيرة إلا أنها تكون مكلفة في بعض المواد ذات درجات انصهار عالية جدا مثل التنجستن، الموليبدينوم أو غالبية المعادن. ولذلك نتجه إلى استخدام طرق أخرى أقل تكلفة.
الطرطشة (sputtering): هي طريقة يتم بها طرد الذرات من سطح المادة عندما يكون هذا السطح عالقاً بجزيئات نشطة كافية عن طريق قصف السطح بجسيمات ثقيلة مثل ذرة الأرجون وجعل السطح قطب من أقطاب دائرة كهربائية، فيتسبب ذلك في طرد ذرات السطح وتترسب علي الركيزة لتشكيل غشاء رقيق. ومن مزايا هذه الطريقة أنه من الممكن ترسيب السبائك دون القلق بشأن أي تجزئة للمواد، ويمكن استخدام المواد ذات درجة الانصهار العالية بسهولة وبالتالي يمكن ترسيب كل من المعادن والعوازل.
 

تطبيقات الأغشية الرقيقة:
امتد استخدام الأغشية الرقيقة إلى العديد من التطبيقات وسوف نطرح وصفاً موجزاً لبعض هذه التطبيقات حول كيفية تطبيق الأغشية الرقيقة في الحياة اليومية:
فيلم رقيق لمنع التآكل: غالباً ما يتم طلاء المواد مثل المجوهرات وساعات المعصم والسكاكين لتجنب التآكل. تعتبر طلاءات نيتريد التيتانيوم TiN فعالة للغاية في إنشاء ميزة على أدوات القطع وإضفاء الصلابة ومعاملات الاحتكاك المنخفضة، فتُستخدم المعادن مثل الكروم والزنك بشكل شائع للطلاء لمنع التآكل.
فيلم رقيق في أشباه الموصلات: أجهزة أشباه الموصلات وكذلك الدوائر المتكاملة مصنوعة من مجموعة من الأغشية الرقيقة من المواد الموصلة والشبه موصلة وكذلك المواد العازلة. يتم ترسيب الأغشية الرقيقة على ركيزة مسطحة جداً عند عمل دائرة متكاملة، غالباً ما تكون مصنوعة من السيليكون أو كربيد السيليكون. بعد ذلك يتم ترسيب طبقة من الأغشية الرقيقة المصممة بعناية فوق هذه الركيزة - والتي تُعرف أيضًا باسم "الرقائق"، بينما يتم نقش كل طبقة بعناية باستخدام تقنيات الطباعة الحجرية مما يسمح بتصنيع عدد كبير جداً من الأجهزة النشطة والسلبية في نفس الوقت. يتم تصنيع كل جهاز صغير بدوره من الترابط بين طبقات الأغشية الرقيقة المرسبة بشكل مختلف، ويتم التحكم في الترابط بين الأجهزة المختلفة عن طريق استخدام طبقات معدنية رقيقة، وعادة ما تكون مصنوعة من الألومنيوم أو النحاس. أدت هذه التقنية إلى إمكانية تصغير العديد من أجهزة أشباه الموصلات الأساسية مثل BJTs وFETs وMOSFETs والصمامات الثنائية والتي بدورها سمحت بتصنيع أجهزة الكمبيوتر الحديثة والذكريات والدوائر المتكاملة عالية الأداء.
الأغشية الرقيقة في الإلكترونيات الضوئية: باستخدام تقنيات مشابهة لتلك المستخدمة في تصنيع الدوائر المتكاملة، أصبح تصنيع بعض الأجهزة المهمة جدًا في الحياة اليوم ممكنًا: أجهزة LED وOLED للإضاءة، تطبيقات العرض، شاشات الكريستال السائل وأجهزة استشعار CMOS لكاميرات الفيديو.
بشكل ملحوظ تسمح تقنية الأغشية الرقيقة أيضًا بترسيب الأغشية الشفافة الموصلة كهربائياً، على سبيل المثال غالبًا ما تستخدم الطلاءات المصنوعة من أكسيد القصدير-الإنديوم (ITO) في شكل أقطاب كهربائية موصلة للكهرباء وشفافة. كما تم استخدام تقنية الأغشية الرقيقة لإنتاج البطاريات ذات الأغشية الرقيقة التي يتم إدخالها بعد ذلك في الرقائق.
الأغشية الرقيقة في الخلايا الشمسية: الأغشية الرقيقة في الخلايا الشمسية تعد هي الجيل الثاني من الخلايا الشمسية، والتي تعتمد على تصنيع الخلايا الشمسية من طبقات متعددة من مواد كهروضوئية (تمتص الطاقة الضوئية وتحولها لطاقة كهربية) وتعد أبرز المواد المستخدمة في صنع الخلايا الشمسية كتيلوريد الكادميوم CdTe)) أو سيلينيدات نحاس انديوم جاليوم CIGS)) وقد تم بالفعل اقتراح خلايا الجيل الثالث الشمسية والمعتمدة كذلك بصورة ما على الأغشية الرقيقة.
ومن طرحنا للموضوع نجد ان تقنيات الأغشية الرقيقة لعبت دوراً حيوياً في جعل الحياة أسهل للجميع، فإن الدور الذي تلعبه الأفلام الرقيقة في حياتنا اليومية لا ينتهي حيث تم إجراء العديد من الابتكارات في دراسة الأفلام الرقيقة. كما تم استخدام تقنية الأغشية الرقيقة حاليا في تحسين معالجات الذاكرة المطروحة للاستخدام في للكمبيوتر الكمي، وحالياً بالكاد يمكننا العثور على أي مجال من مجالات الحياتية حيث لا يستخدم الأغشية الرقيقة.
المراجع العلمية:

Correra L, editor. High Tc Superconductor Thin Films. Elsevier; 2012 Dec 2


هناك 3 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    أريد مصدر علمي للتطور التاريخي للأغشية الرقيقة

    ردحذف
    الردود
    1. سوف نرد عليك بعد الرجوع لقسم الفيزياء بالمبادرة

      حذف
    2. عندك المصدر حاليا

      حذف