شغف العلم الذي لا ينتهي

الأصباغ والحصول عليها من النباتات والحشرات - ساينسوفيليا

الأصباغ ما بين الطبيعة من حشرات ونباتات إلى مواد مُصنعة كيميائيًا 

الأصباغ ما بين الطبيعة من حشرات ونباتات إلى مواد مُصنعة كيميائيًا

بقلم/ فاطمة عبد الرحيم
مراجعة علمية / دكتورة: هبة هاشم 

الأصباغ هي مواد ملونة تُضيف لون ثابت على المنسوجات والأوراق والجلود وغيرها من المواد نتيجة تكوين روابط كيميائية مختلفة بينها وبين تلك المواد، ولا تتأثر بالماء أو الحرارة أو الضوء أو العوامل الأخرى التي من المحتمل أن تتعرض لها تلك المواد و
تتكون معظم الأصباغ المعروفة من مركبات كيميائية عضوية، ومنها أيضا ما يتكون من مركبات غير عضوية وقد تكون أصباغًا غير قابلة للذوبان في الوسط المستخدم.

وليس كل الصبغات يمكن تطبيقها على كل المواد، فالحرير مثلا يختلف في إصباغه عن القطن أو الجلد أو المنسوجات الصناعية، وذلك نتيجة لاختلاف كيمياء تلك المنسوجات عن بعضها البعض وبالتالي تختلف الروابط الكيميائية بينها وبين الصبغة المستخدمه. 

تاريخ اكتشاف الأصباغ:
منذ خمسينيات القرن التاسع عشر كانت المواد الصبغية يتم الحصول عليها من مصادر طبيعية مختلفة كالنباتات والأشجار وبعض الحشرات حيث تم العثور على أدلة قوية تثبت أن طرق الصباغة عمرها أكثر من 4000 سنة من خلال الأقمشة المصبوغة الموجودة في مقابر القدماء المصريين، وتصف الهيروغليفية القديمة استخلاص الأصباغ الطبيعية وتطبيقها حيث أجريت محاولات لا حصر لها لاستخراج الأصباغ من النباتات والزهور الملونة الزاهية.

وتنقسم الأصباغ الطبيعيه إلى:

  • الأصباغ النباتية:
هناك مجموعة كاملة من النباتات التي يمكن استخدامها لاستخلاص الأصباغ النباتية، ويستخدم أجزاء مختلفة من النباتات للحصول على الأصباغ، مثل الأوراق، قشور الفاكهة، اللحاء، الجذور، الخشب أو الأشنات والطحالب تلك النباتات الصغيرة التي تنمو على الصخوروتتميز بالوانها العديدة المزهرة.

و من أمثلة النباتات الصبغية:
  • الكحلاء المصبوغة Alkanna tinctorial:
    نبتة عشبية أزهارها زرقاء غامقة تنموا مع الحشيش على أطراف الأبار في مناطق المشرق العربي وتركيا، يستخلص من جزورها صبغة حمراء لها العديد من الفوائد الطبية.

  • انديجوفيرا Indigofera:
    تلك النباتات التي تنمو في الهند ومصر والتي تعتبر مصدر لصبغة الانديجو الزرقاء المشهورة والتي تُحضر الآن صناعيا لصباغة الجينز Jeans.

  • نبات الكركم Turmeric
     الذي يستخلص منه اللون الأصفر.

  • الرمان Pomegranate:
     من الثمار التي يستخلص منها صبغات تختلف الوانها ما بين الأصفر والبني والبرتقالي.

  • العُصنفر Safflower:
     زهرة القرطم المصبوغ وتختلف صبغاتها بين الأصفر والأحمر وتستخدم في صبغات الطعام ولها العديد من الفوائد الطبية.

  • أصباغ الحشرات:
نعم هناك أيضا بعض الحشرات التي تحتوي على مواد صبغية وأشهرها الصبغة القرمزية Kermes التي يتم الحصول عليها من حشرة Kermes وهي حشرات قشرية صغيرة من فصيلة نصفيات الأجنحة (Hemiptera) وتعتبر طفيليات نباتية تتغذى على النبات في جنوب أوروبا على البلوط الصغير دائم الخضرة (Quercus coccifera) ويستخرج من أجسامها بعد تجفيفها اللون القرمزي الذي يعود تاريخه إلى المصريين القدماء والرومان. 

وهناك العديد أيضا من الأصباغ التي تستخلص من مختلف الحشرات مثل:
  • الصبغة البنفسجية Tyrian purple التي تُستخلص من مخاط الحلزون الأرجواني Murex snail والذي تم اكتشافه من قبل الفينيقين 1200 قبل الميلاد.
  • الصبغة الحمراء (كارمين) carmine: التي يتم الحصول عليها من حمض الكرمينيك الذي تنتجة بعض الحشرات مثل الدودة القرمزية.
  • الصبغة القرمزية اللامعة Polish cochineal: يتم استخلاصها من بعض الحشرات الطفيلية.
الأصباغ الصناعية الكيميائية:

في عام 1856م في أثناء محاولة العالم البريطاني ويليام بيركين Perkinلتحضير مادة الكينين quinineلعلاج مرض المالاريا عن طريق أكسدة بعض مشتقات الأنيلين المستخرج من المواد البترولية، في أثناء عملية الأكسدة ترسبت مادة سوداء، وعند استخلاصها وتنقيتها ببعض الكحول ظهر لونها البنفسجي وبدراستها وجد أن لها نفس صفات المواد الصبغية، وهذه كانت أول مادة صبغية مصنعة كيميائيًا وأطلق عليها اسم Mauveine.

و من ثم نتيجة صعوبة استخلاص الأصباغ من المصادر الطبيعية والذي يتكلف المرور بعديد من المراحل التي تؤدي في النهاية إلى كميات قليلة، فلقد أدى ذلك مع التقدم في الكيمياء العضوية العملية والنظرية على حد سواء في ذلك الوقت إلى دراسة التركيب الكيميائي لتلك المواد ومحاولة تحضيرها عمليا بطرق كيميائية مختلفة.

و تنقسم الأصباغ الصناعية من حيث تطبيقاتها إلى:
  • الأصباغ الحمضية: هي أصباغ أنيونية قابلة للذوبان في الماء، تحتوي على واحد أو أكثر من بدائل حمض السلفونيك Sulfonic acidأو مجموعات حمضية أخرى كما هو الحال في صبغه Acid Yellow 36 وتستخدم في صباغة الحرير والصوف والنايلون والياف الأكريليك المعدلة ويستخدم هذا النوع من الأصباغ في الوان الطعام الصناعية.

  • الأصباغ القلوية (الأساسية): كانت هذه المجموعة هي الأولى من الأصباغ الصناعية التي تم تحضيرها من مشتقات قطران الفحم وتستخدم في صباغة الجلود والورق والخشب والقش. وفي الآونة الأخيرة تم استخدامها بنجاح مع بعض الالياف الجاهزة، وخاصة الأكريليك وأيضًا تستخدم لصباغة الصوف والحرير والكتان، وما إلى ذلك، دون استخدام مخفف أو استخدام عوامل مساعدة للإصباغ مثل حمض التانيك.

  • أصباغ أزويك Azoic Dye: تلك الأصباغ التي لا تذوب في الماء وتستخدم لصباغة المنسوجات الطبيعية النباتية مثل السيليلوز.

  • موردانت Mordant Dye: تلك المواد التي تحتاج إالى بعض الأملاح المعدنية في أثناء عملية الإصباغ حتى يتم ثباتها على المنسوجات. تعمل تلك الأملاح كعامل ربط بين الالياف والصبغة و تستخدم هذه المواد عادة لصبغ القطن أو الصوف أو الالياف البروتينية الأخرى.
و تنقسم الأصباغ الصناعية أيضا من حيث تركيبها الكيميائي إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

  • أصباغ الأزوية Azo Dye:
التي تتميز بمجموعة الأزو (N=N) وتستخدم هذه الأصباغ في المقام الأول في الطباعة، وتعتبر هذه الصبغة لا تذوب في الماء ولذلك فهي يتم تكوينها في أثناء عملية الإصباغ من مكونين صغيرين يذوبان في الماء يحدث بينهم الأزدواج داخل الالياف في أثناء صباغتها. 

ويستخدم هذا النوع في صباغة المواد القطنية وتتميز بالوانها الزاهية. ومن أشهرها (ميثيل أورانج Methyl Orange) التي تستخدم ككاشف عن الأحماض والقلويات لتغير لونها على حسب الوسط الذي توجد فيه، (كريسودين Chrysoidine) تستخدم لطباعة الورق والجلد.
  • أصباغ النيتروNitro Dye:
يتميز هذا النوع من الصبغات الصناعية بوجود مجموعة النيترو NO2 المسؤلة عن إظهار اللون بالإضافة إلى بعض المجموعات الأخرى مثل الهيدروكسيل OH وإيمينو NHR التي تزيد من ثباتها على المنسوجات، ويستخدم هذا النوع من الأصباغ بشكل أساسي لصباغة الصوف، وتستخدم في صناعة أقلام التلوين.
  • أصباغ النيتروزو Nitroso Dye:
تحتوي على مجموعة النيتروزو NO وأشهرها الصبغة الخضراء BS green التي تتميز بالمقاومة الشديدة للضوء والحرارة، وتستخدم لصباغة المطاط والورق وتستخدم في إنتاج مواد الطلاء.

كثيرًا ما نجد بعض الوان الطعام وخاصة في حلوى الأطفال ما تترك أثر لون في الفم، فهل تستخدم الأصباغ في الطعام كمواد ملونة؟
عادة ما تضاف مواد ملونة لبعض الأطعمة لإضافة لون إلى الأطعمة عديمة اللون، ولتجنب فقدان اللون بسبب العناصر البيئية ولتوفير الاتساق عندما تكون هناك اختلافات في الوان الطعام.

هناك نوعان من الإضافات اللونية المعتمدة والغير ضاره لصحه المستهلك كالمواد القابلة للذوبان في الماء وعادة ما تأتي في شكل مساحيق أو حبيبات أو سوائل، ولكن يستخدم أيضا بعض المواد الصبغية صعبة الذوبان في الماء والتي توجد في المنتجات التي تحتوي على الدهون والزيوت.

و من أصباغ الطعام الأكثر تناولًا:
  • الأحمر (Erythrosine 3): لون أحمر قرمزي يستخدم بشكل شائع في الحلوى.
  • الأحمر (Allura Red 40): صبغة حمراء داكنة تستخدم في المشروبات الرياضية والحلوى والتوابل والحبوب.
  • الأصفر تارترازين(Tartrazine yellow 5): صبغة ليمون صفراء توجد في الحلوى والمشروبات الغازية والرقائق والفشار والحبوب.
  • أصفر الغروب(Sunset yellow 6): صبغة برتقالية صفراء تستخدم في الحلوى والصلصات والمخبوزات والفواكه المحفوظة.
  • الأزرق (Indigo Carmine 2): صبغة زرقاء ملكية موجودة في الحلوى والآيس كريم والحبوب والوجبات الخفيفة.

المصادر:

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم
    ممكن أن أعرف الألوان المناسبة للمكياج من اي نوع وهل النباتات التي ذكرتي ممكن أن تدخل في ذلك وماهي اكثر النباتات صبغية
    مع التحية

    ردحذف