شغف العلم الذي لا ينتهي

بروفيسور علاء الدين حامد يكتب (تأثير الأشعة فوق البنفسجية على أحد أهم أسماك نهر النيل) - ساينسوفيليا

 تأثير الأشعة فوق البنفسجية على أحد أهم أسماك نهر النيل

تمثل الأشعة الفوق البنفسجية حوالي ثلث الأشعة الكهرومغناطيسية التي تصل الأرض من الشمس  ويحجب جزء ضار من هذه الأشعة وجود طبقة الأوزون بينما يتمكن جزء أخر من الوصول إلى سطح الأرض و تنقسم هذه الأشعة إلى ثلاثة أنواع طبقا للطول الموجي لهذه الأشعة وهي كالآتي:-
  •  الأشعة البنفسجية من النوع أ (الطول الموجي لها يتراوح من 320-400 نانومتر)
  • الأشعة البنفسجية من النوع بي ( الطول الموجي لها يتراوح من 280-320 نانومتر)
  • الأشعة البنفسجية من النوع سي ( الطول الموجي لها يتراوح من 100-280 نانومتر)
يمثل النوع  ﺃ و بي أخطر هذه الأنواع بينما لا يمثل النوع سي أي أخطار تذكر علي الإنسان. 
تتميز الاشعة البنفسجية (أ) بأن لها القدرة على اختراق مياه الأنهار والبحار إلى 100 متر عمق  وبالتالي فهي تمثل خطر على البيئة المائية والكائنات الحية التي تعيش في مثل هذه المياه أو  في مياه البرك والمستنقعات. 
أكدت الدراسات التي تمت في مجال دراسة الآثار المدمرة للأشعة الفوق البنفسجية على الأسماك بأن التعرض لمثل هذه الأشعة يؤدي إلى تدمير الجهاز المناعي وخلايا الدم كما أكدت دراسات أخري على التلف الذي تسببه هذه الأشعة على الصفات البيوكيميائية والهستولوجية للأسماك .

تزايد في الآونة الأخيرة تآكل طبقة الأوزون نظرا لكثرة استخدامات الفريونات والأيروسولات (الغازات الطيارة) وأكدت الدراسات العلمية موخرا أن استخدام البرفانات والروائح لمتطايرة يؤدي إلي تآكل طبقة الأوزون وهنا تجدر بنا الإشارة إلى إن استيراد مصر من هذه البرفانات والروائح الطيارة يفوق حوالي 30 مليار جنيه سنويا وذلك عام 1996 بجانب ماينتج محليا وبالتالي فان ذلك يمثل خطورة علي طبقة الأوزون بالمنطقة ويسبب تآكلها  ومن هنا ظهرت فكرة دراسة تأثير هذه الأشعة على واحد من أهم  الأسماك اقتصاديا بنهر النيل بمصر وهو القرموط الأفريقي الذي يمثل واحد من أهم خمسة أنواع مستزرعة بمصر .
 

تم في هذا البحث دراسة اثر هذه الأشعة على الدم ومتغيراته كمؤشرات على مدى صحة الكائنات الحية على هذا النوع من الأسماك.
في الدراسة الحالية استخدمت  عينات من القرموط الأفريقي gariepinus Clarias للكشف عن الآثار المدمرة للجرعات المختلفة من UVA  366) نانومتر) على الصفات المورفولوجية لكرات الدم الحمراء والبيوكيميائية للدم للقرموط الأفريقي. 

تم تعريض أربعة مجموعات من هذه الأسماك إلى جرعات مختلفة من الأشعة الفوق البنفسجية (أ) تعتمد على فترة التعريض وهي (15 و 30 و60 دقيقة) بجانب مجموعة أخرى بدون تعريض وذلك لمدة ثلاثة أيام ويمكن تلخيص النتائج التي تم الحصول عليها في النقاط التالية:-
  1.   التغيرات المورفولوجية في شكل كريات الدم الحمراء والتي شملت انتفاخ في حجم الكريات وظهور إشكال غير منتظمة من هذه الكريات وكذلك شحوب لون السيتوبلازم.
  2.  أيضا نقص في عدد كريات الدم الحمراء ونسبة الهيموجلوبين وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية ونسبة الهيماتوكريت.
  3.  نقص في نسبة جلكوز الدم والكريتينين ولكن زيادة في إنزيمات الكبد سجلت في هذه الدراسة.
  4.  لوحظ أيضا توقف عن الحركة وامتناع عن الأكل في المجموعات المعرضة لهذه الأشعة وكذلك نزيف تحت الجلد ونسبة وفيات تمثل 12% للمجموعة المعرضة لمدة 60 دقيقة لمدة ثلاثة أيام و8 % للمجموعة المعرضة لمدة 30 دقيقة لمدة ثلاثة أيام بينما لم ترصد أي حالة وفيات للمجموعة الغير معرضة وكذلك للمجموعة المعرضة لمدة 15 دقيقة فقط.
بمناقشة نتائج هذه الدراسة مع أبحاث الآخرين  يتضح مدى تأثير هذه الاشعة على أنسجة الأسماك وبالتالي إنتاج الأسماك الذي يؤدي بالطبع إلى قلة الإنتاج السمكي ونقص المخزون من هذا الإنتاج.

كما هو متبع في علم التشخيص حديثا بأن متغيرات الدم تعتبر مقياسا نموذجيا للحالة الصحية للإنسان والحيوان على حدٍ سواء وبالتالي فإن مثل هذه الدراسة تعطي دلالة واضحة على مدى تأثر هذا النوع من الأسماك بمثل هذه الأشعة وانعكاس ذلك على الحالة الصحية له. 

فقد لوحظ انخفاض معدل كريات الدم الحمراء الذي أكدته دراسات أخري على أنواع أخرى عرضت لنفس نوع الأشعة ويمثل هذا النقص في كريات الدم الحمراء  وبالتالي نقص نسبة الهيموجلوبين في الدم حالة مرضية معروفة في الطب باسم الأنيميا والتي تنعكس بدورها على النشاط والحيوية للكائن الحية ويصاب صاحب هذه الحالة بما يشبه الخمول وقد تؤدي إلى الوفاة.

أيضا النقص المسجل في نسبة الهيماتوكريت قد يؤدي إلى نزيف وقد سجل بالفعل نزيف تحت الجلد أدى بعد ذلك إلى ظهور البكتريا والفطريات على الخياشيم  والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى العضلات والمناسل. 

من المعروف لدى الباحثين في مجال المناعة بأن النقص في عدد خلايا الدم البيضاء وخاصة اللمفاوية منها يؤدي للإصابة بأمراض المناعة ومنها السرطان والايدز وكلها أمراض تودي إلى الوفاة وقد اتضح في هذه الدراسة ودراسات أخري أن التعرض لمثل هذه الأشعة يؤدي إلى نقص في خلايا الدم البيضاء والخلايا اللمفاوية.

 تنعكس الحالة الفسيولوجية الغير سليمة لهذا النوع من الأسماك القطة على معدل مستوى الجلكوز في الدم والذي انخفض تحت تأثير هذه الأشعة ويمكن تفسير ذلك بأن امتناع أسماك المجموعات المعرضة لهذه الاشعة عن التغذية أدى إلى تحلل الجليكوجين المخزن في الكبد والاستفادة منه في التغذية وأكدت الدراسة هذا الإيضاح بانخفاض معدل الكوليستيرول الذي يعتبر نوع من الدهون المتراكمة في الجسم والتي تحللت أيضا لسد احتياج أجسام هذه الأسماك للتغذية .

تم الكشف عن التغيرات الهستولوجية في كلا من الجلد والكبد وكريات الدم الحمراء عن طريقة تحضير قطاعات من هذه الأعضاء وصباغتها وتحليلها بالميكروسكوب الضوئي الذي اظهر مدي تأثر هذه الأعضاء. 

تمثل التشوهات المسجلة في كريات الدم الحمراء وكذلك تمزقات الجلد والتهاب خلاياه وأيضا تشوهات في شكل الخلايا الكبدية وظهور فجوات بالكبد أهم الآثار المدمرة لهذا النوع من الأشعة الفوق البنفسجية. 

في نهاية المقال يمكن القول بأنه يجب تلافي تعرض الأسماك المستزرعة لهذه الأشعة أوقات طويلة ومراعاة هذه الظروف عند إنشاء المزارع لتجنب تأثير هذه الأشعة على الأسماك البالغة والأجنة واليرقات والتي سوف نتعرض لذكر تأثر هذه المراحل الجنينية بهذا النوع من الأشعة في المقال القادم بإذن الله تعالى .


د. علاء الدين حامد سيد
             كلية العلوم- جامعة أسيوط

Associate professor (Zoologydepartment, Faculty of Science, Assiut University, Egypt).
Major Field:-Zoology
Minor Field:-Fish Biology and Pollution
Teaching Record:
  • Instructor  for  undergraduate  students (faculties  of; Science,  Vertinary  Medicine,  Pharmacy,  Education,  and  Agriculture) since  2004-2011the  following practical Courses  (Cell  Biology, Cytology, Histology, TaxonomyofInvertebrates,Taxonomy of vertebrates, and Fish Biology).
  • Teachenig  the  undergratude  students  (Faculties  of;  Science,  Education)  since  2011  the  following  theoretical  courses (Chordates, Fish Biology, General Zoology and Evalution).
  • Teaching the graduate students (M.Sc.) the following courses (Fish Developmentand Endocrinology, AdvancesTechniques in Fish biology)
 Memberships
  • Member of Egyptian-German Society of Zoology (2010-now)
  • Member of Egyptian Society of Entomology (2009-now)
  • Member of Egyptian association for the Development of Fisheries Resources & Human Health (2011)
  • Member of The Egyptian Society of Experimental Biology (2011)
  • Member of Asia-Pacific Chemical, Biological & Environmental Engineering Society (2012-now)
  • Member of the American Chemical Society (2013)
  • Member of the Egyptian Society of Animal Production, Egypt (2015-now).
  • Member of the Arabian Aquaculture Society, Egypt (2015-now).


ليست هناك تعليقات