شغف العلم الذي لا ينتهي

نبذة عن تاريخ كيمياء النانو و تأثيرها في المجال الطبي

تاريخ كيمياء النانو و تأثيرها في المجال الطبي

د. هبة هاشم

دكتورة الكيمياء العضوية بقسم الكيمياء-جامعة عين شمس

نبذة عن تاريخ كيمياء النانو و تأثيرها في المجال الطبي

يعتبر علم النانو بصفة عامة من العلوم التي غيرت و أثرت بشكل ملحوظ في عديد من المجالات. و أصبح الاهتمام الأكبر  في البحث العلمي لدى الكثير من العلماء.

فما السبب وراء هذا الاهتمام بعلم النانو؟ و ما فائدته و كيف أثر في كثير من المجالات؟

بدايةً  فإن علم النانو يدرِس المواد و التركيب الكيميائي لها في أحجام متناهية الصغر من 1- 1000نانو ميتر (نانو=10-9ميتر) ما يقارب عُشر قٌطر الشعرة، فلك أن تتخيل مدى صِغَر هذه المواد.

السؤال هنا هو لماذا يسعى العلماء إلى تحضير المواد في أحجام نانوميترية؟ و هل هي طفرة علمية جديدة أم انها موجودة من قديم الأزل؟؟؟

حقيقة إن المواد النانوية موجودة منذ القِدم و لكنها لم تكن تحظى بهذا الإهتمام الذي هي عليه اليوم، ربما لعدم تطور العلم في ذاك الوقت أوقلة الإلمام العلمي الكامل بخصائص تلك المواد.

فمنذ أكثر من 4500 سنة، كان يُستخدم الحرير الصخري (مادة الإسبست النانوية) لتعزيزقوة السيراميك. و كان القدماء المصريون قديمًا يستخدمون مواد كيميائية نانويه (5 نانوميتر) لصباغة الشعر.

و لا يمكن تجاهل " الصبغة الزرقاء المصرية" Egyptian Blue أول صبغة صناعية أنتجها المصريون القدماء في القرن الثالث قبل الميلاد من خليط الزجاج و الكوارتز في حجم النانو (CaCuSi4O10, SiO2) تلك الصبغة الزرقاء التي تُزين الرسومات الفرعونية المصرية.

و أيضًا الزجاج الأحمر الروماني الذي يرجع تاريخه إلى 1000-1200 قبل الميلاد، ذلك الزجاج المطلي بجزيئات النحاس النانوية
[Cu NPs].

وترجع مصادر المواد النانوية إلى ثلاثة مصادر رئيسية:

-         طبيعية: مثل تلك التي توجد في بعض أعضاء جسم الإنسان و الحيوان كالإنزيمات و البروتينات التي يوجد بعضها في أحجام نانوية.

و أيضًا في النباتات مثل البللورات الشمعية التي توجد في أوراق زهرة اللوتس.

-         صناعية:مواد كيميائية عضوية و غير عضوية  تُحضر معمليًا لأغراض و تطبيقات مختلفة.

-         عرضي (عن طريق الصدفة): تلك التي تُنشأ كنواتج ثانوية في بعض العمليات الصناعية، مثل المواد الناتجة من حرق الغابات و عوادم محركات السيارات و من أبخرة اللِحام.

و بدراسة تلك المواد تم اكتشاف أحجامها المتناهيه في الصغر و ما يميزها من خصائص مختلفة، و أدى ذلك إلى الاهتمام بعلم النانو و تطبيقاته في مختلف المجالات.

و قد وجد أن المواد في أحجام نانوية تختلف في خواصها الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية عن تلك التي باحجام أكبر، وهذه الصفات تشمل درجة الإنصهار و الذوبان و درجة التوصيل الكهربائي و الحراري و درجة امتصاصها للضوء.

كل هذه الخواص تجعل لها أهمية بالغة في كثير من التطبيقات الطبية و الصناعية و التكنولوجية.

و نوضح هنا تأثير المواد النانوية في المجال الطبي: 

تدخل المواد النانوية الآن في صناعة الأدوية و مستحضرات التجميل لما حققته من مميزات جعلتها تتغلب على كثير من المشاكل التي كانت تواجه العلماء و الباحثين من قِبَل.

المواد النانوية تتميز بخصائص بيولوجية هامة، فصغر الحجم و زيادة مساحة سطح الجزيئات بالنسبة للحجم يجعل لها قدرة عالية على الامتصاص و الارتباط و حمل المواد الكيميائية المختلفة. هذا بالإضافة إلى سرعة الانتشار و القدرة على ستهداف خلايا مختلفة في الجسم.

تقوم بعض الأبحاث العلمية على تعديل المواد الكيميائية العضوية ذات التأثير البيولوجي إلى أحجام النانو مما يذيد ذلك من قدرتها على الذوبان و الامتصاص، و بالتالي تذداد كفاءة الدواء.

كما يستخدم أنواع كثيرة من المواد النانوية كحاملات للأدوية أو أدوات التصوير داخل الجسم.

فهناك مواد نانوية من جزيئات الذهب لتدمير خلايا سرطانية، و يبلغ طول هذه المواد حوالي 120 نانوميتر أي أصغر من حجم الخلية السرطانية بمقدار 165 مرة، و بحقن هذه المواد داخل الجسم فإنها تلتصق تلقائيا بالخلايا السرطانية  ثم بالتعرض للأشعة تحت الحمراء فإنها تعمل على تسخين تلك المواد مما يؤدي إلى حرق الخلايا السرطانية دونًا عن الخلايا السليمة.

و  تدخل أيضًا المواد النانوية في تحضير مستحضرات التجميل و منتجات مستحضرات التجميل، و من اشهر تلك المواد الفضة و التيتانيوم و السيليكون و الخارصين.

و هناك الكثير من الدراسات العلمية لاستخدام مواد بوليمرية طبيعية في أحجام نانوية كحاملات للأدوية، مثل مادة الشيتوزان (كيتوزان  Chitosan) تلك المادة البوليمرية المستخلصة من قشور الروبيان و تستخم بشكل كبير في كثير من التحضيرات الكيميائية للمواد البيولوجية كحاملات للأدوية لما يميزها بأنها غير سامة و تتحلل حيويا داخل جسم الانسان و تساعد على ذوبان الدواء و سرعة انتشاره في خلايا الجسم.

المصادر :

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5905289/?fbclid=IwAR1rdLzLCw3KhfKscuT8YPd5LmkI0dSSg-MNdSrju3dLQMKhRYq0IRUrCx4

https://www.researchgate.net/publication/265923970_Industrial_applications_of_nanoparticles_-_a_prospective_overview?fbclid=IwAR0-KHToYEeFwHJMdyl2MK2ajs2C-PW0BhvuIwHVp1MX1amyvd-0VCAtOA0

 https://www.chemistryworld.com/features/egyptian-blue-more-than-just-a-colour/9001.article?fbclid=IwAR2negFfhQRI6vY4Sm8OITXj4yJgVbjc6DYq0A1dTG3Yb7qS16_hJPeDXQs

ليست هناك تعليقات