شغف العلم الذي لا ينتهي

السرطان أثناء الحمل وكيف يمكن أن يؤثر على الأم والمولود

 السرطان أثناء الحمل

ما هو سرطان الحمل وكيف يمكنه ان يؤثر علي  كلا من الام والجنين ؟


بقلم: هالة يحيى

مراجعة علمية: د.أحمد سعيد

 من المؤكد أنك تعرف وإن كان ليس بالكثيرعن مرض السرطان وأنه أصبح كما يُطلق عليه الآن (مرض العصر) لما ظهر في السنوات الأخيرة من أنواع مختلفة من السرطان التي تختلف في طرق تشخيصها وعلاجها ونسب شفائها وتصيب فئات عمرية مختلفة من الرجال والنساء.
لكن هل سمعت من قبل عن الحمل مع السرطان Pregnancy with cancer ويعني حدوث إصابة بالمرض للأم في أثناء فترة الحمل؟

تُعد احتمالية إصابة الأم خلال فترة الحمل بأحد أنواع السرطان، التي سوف نتعرف اليها الآن، ظاهرة ليست شائعة ولكن وإن كانت بنسبة قليلة فإن حدوثها يمثل مشكلة صعبة إما للأم المصابة أو للطبيب المعالج؛ في حد ذاته لا يؤثر المرض على الجنين بشكل مباشر ونادرًا ما يحدث ذلك وإن لزم على الأطباء في بعض الحالات أن يكونوا في موضع الاختيار عند تشخيص وعلاج حالة الأم المصابة ولذلك من المهم اختيار طاقم طبي معالج ممن لديهم الخبرة الكافية ومرورًا بحالات إصابات بالسرطان خلال فترة حمل الأم.

ليس كل أنواع مرض السرطان يمكنها مهاجمة الأم في أثناء شهور الحمل فهناك أنواع بعينها منها: 

1- سرطان الثدي Breast Cancer 

وهو أكثر الأنواع المتعارف عليها حدوثًا للسيدة الحامل بحيث يؤثر سرطان الثدي على النساء الحوامل بنسبة 3000: 1 وهذا يعنى أنه من كل عدد3000 أم حامل تُصاب حالة واحدة خلال فترة حملها ومن الطبيعى ان ثدي المرأة الحامل يصبح كبيرًا في الحجم وملمسه متغير لذلك هذا النوع من السرطان صعب في إدراكه بمعنى آخر أن التغيرات التي يحدثها السرطان في منطقة الإصابة يمكن عدم ظهورها على الفور وبالتالي تشعر الأم أنها في حالتها الطبيعية مما يتسبب في تأخر تشخيص حالتها بالمقارنة مع حالة أخرى لسيدة ليست حامل لكنها أيضًا مصابة بسرطان الثدي.

وتأتي تباعًا أنواع أخرى من هذا المرض يمكن حدوثها في أثناء شهور الحمل ولكن بنسبة أكبر في النساء صغار السن

2- سرطان عنق الرحمCerivical Cancer 

3- سرطان الغدة الدرقية Thyroid Cancer

4-سرطان الغدد الليمفاوية وله نوعان:

 النوع الأول من أورام الغدد الليمفاوية((Hodgkin Lymphoma (HL) وهو نوع متخصص في عمله يهاجم نوع واحد فقط من خلايا الدم البيضاء وهي Lymphocytes وله طرق علاج مختلفة

أما النوع الآخر من أورام الغدد الليمفاوية Non-Hodgkin Lymphoma (NHL) يوصف بأنه نوع غير متخصص في عمله يصيب خلايا الدم البيضاء بأنواعها المختلفة وبنفس أعراض الإصابة.

5-سرطان الجلد Melanoma أحد أنواع السرطان التي تصيب الجلد نتيجة لزيادة إفراز الخلايا الصبغية في الجلد Melanocytes

6-سرطان المشيمة(( Gestational Trophoblastic(GTT)
 وينشأ من خلايا الرحم نفسها حيث يبدأ في الخلايا التي تتطور بعد ذلك وتقوم بتكوين مشيمة الأم Placenta 

بعد التعرف على أنواع السرطان التي يمكنها إصابة الأم خلال فترة الحمل تأتي بعد ذلك مرحلة تشخيص المرض Diagnostic stage

تحدثنا في البداية عن فكرة عامل الوقت في تشخيص حالة الأم المصابة بالمرض في أثناء شهور الحمل فمن المحتمل حدوث تأخر في عملية التشخيص الصحيح للمرض بسبب تشابه أعراض الإصابة مع أعراض الحمل نفسها ومثال لهذه الأعراض المتشابهة:

  • حدوث حالات الانتفاخ Bloating Cases
  • الصداع Headaches
  • حدوث تغيرات للثدي Breast Changes
  • نزيف المستقيم Rectal bleeding

ولكن هنالك حالات أخرى تُعد في مصلحة المريضة بإمكانها الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الحمل وهي إجراء السيدة الحامل فيما يسمى اختبار قياسية الحمل Pap test يستطيع الطبيب المعالج من خلال هذا الاختبار الكشف عن سرطان عنق الرحم Cervical Cancer؛ مثال آخر على ذلك عند إجراء الأشعة بالموجات فوق الصوتية UltraSound Radiation تظهر النتائج ما إن كانت الأم مصابة بسرطان المبيض Ovarian Cancer

من المعروف بالنسبة للفريق الطبي المسئول أن إجراء طرق تشخيصية للإصابة بالمرض منها ما هو آمن على صحة الأم والجنين ومنها ما هو مُضر، تتضمن بعض أساليب التشخيص المُضرة ما يلي:

إجراء أشعة إكسX-ray

 أثبتت الدراسات أن كمية الإشعاع المستخدم في أشعة إكس التشخيصية يمكن له أن يسبب ضررًا وإن كان بسيطًا على صحة الجنين وللوقاية من ذلك يستخدم الأطباء درع مصنوع من مادة الرصاص يعمل كغطاء لمنطقة البطن في أثناء إجراء أشعة إكس X-ray لتشخيص حالة الأم

إجراء فحص CT or CAT Computed Tomography 

وهو التصوير المقطعي بواسطة تقنية خاصة من أشعة رينتجن (الأشعة السينية) وهي مشابهه في آدائها أشعة إكس X-ray لكنها تتميز بأنها أكثر دقة ومن خلالها يمكن تشخيص الإصابة بالسرطان ومدى انتشاره وتختلف أضرارها حسب المنطقة التي يتم عليها إجراء التصوير الإشعاعي ومعنى ذلك إذا تم إجرائها على منطقة الرأس أو الظهر لدى الأم فهو أمر طبيعي وآمن في أثناء الحمل على حياة الجنين الذي لا يتعرض في هذه المناطق للإشعاع بشكل مباشر ولذا لا يتم إجراء التصوير بالأشعة المقطعية اتخاذ احتياطات آمنه بالمثل في حالة X-ray

التصوير الإشعاعي بتقنية الرنين المغناطيسي (MRI)

أشعة الموجات فوق الصوتية ultrasound

 فيما يعرف بعينات الفحص النسيجى (biopsy) وهي طريقة أخد عينة نسيجية حية من المنطقة المراد تشخيص إصابتها بالسرطان

وبالطبع بعد إجراء التشخيص السليم بالطرق المختلفة التي تحدثنا عنها يبدأ الطبيب في مرحلة العلاج Treatment

تتطلب مرحلة علاج المرض فريق من الأطباء المعالجين متعددي التخصصات للعمل معًا سواء أطباء مختصين معالجة أورام بالإضافة إلى إخصائي النسا والولادة Obstetrician وهو المتابع لحالة الأم في أثناء مراحل الحمل؛ وعند العمل سويًا لعلاج الأم المصابة يقوم كلا المتخصصين بتقديم مقترحات وطرق العلاج بأقل خطورة على الجنين متخذين عدة عوامل منها:

  •  مراحل الحمل المختلفة Pregnancy Stages
  •  نوع، مكان، حجم ومرحلة الإصابة التي وصلت إليها الأم
  • أمل الأم المصابة في الشفاء دون تَعرض الجنين إلى خطورة؛ مع رصد مراحل علاج الام عن قرب للتأكد من مدى صحة الجنين

 خلال رحلة العلاج يختار الأطباء تأخير أو تَجنب علاجات معينة للأم المصابة خوفًا من احتمالية إلحاق الضرر بالجنين خلال أول ٣ أشهر من الحمل ولذا يضطر الفريق الطبي تأجيل طرق العلاج في الثلث الثاني أو الأخير من الحمل
 في حالات أخرى مثل عندما يتم الكشف عن السرطان في اواخر شهور الحمل ينصح الفريق الطبى بأن يتأخر العلاج حتى ولادة الجنين
ايضًا في المرحلة المبكرة من سرطان عنق الرحم Cervical Cancer يميل الفريق الطبي إلى الانتظار في معالجة المرض إلى حين الولادة تجنبًا لفقد الجنين

 فما هي هذه أنواع العلاجات التي تتسبب في حدوث أضرار للجنين إما فقده أو التأثير على صحته ومعدلات نموه؟ 

تُعد أكثر هذه العلاجات ضررًا هو العلاج الإشعاعي باستخدام أشعة مثل أشعة إكس X-ray بمقدار عالي من الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية وتكمن مخاطر هذا الإشعاع بالنسبة للجنين في مقدار الجرعة والمنطقة التي يتم إجراء الإشعاع عليها.

ننتقل بعد ذلك إلى أنواع العلاجات التي تتيح للأطباء استخدامها في أثناء فترة الحمل بشكل آمن منها نوعان:

١-التدخل الجراحي Surgery 
يستخدم التدخل الجراحي كأحد طرق العلاج الفعالة في إزالة الورم السرطاني وبعض من الأنسجة السليمة المحيطة وهو آمن تمامًا على الجنين خلال الأشهر المختلفة من نموه

٢-يليه العلاج الكيميائي Chemotherapy
 يلجأ إليه الأطباء في علاج الخلايا السرطانية في أثناء الحمل ولكن يتم اختياره خلال فترات معينة من الحمل ويُفضل استخدامه في مراحل متأخرة من الحمل لأنه من الوارد أن يتسبب في حدوث تشوهات الأجنة Fetuses Abnormalities إذا تم الاستعانة به في أول ٣ أشهر من الحمل؛ فأثناء المراحل المتأخرة ويُقصد بها المرحلة الثانية والثالثة يستطيع الأطباء إعطاء الأم المريضة أنواع مختلفة من العلاج الكيميائي Chemotherapy دون إلحاق الضرر بالجنين والسبب في ذلك عدم قدرة الأدوية والعلاجات على النفاذ إلا بكميات قليلة من غشاء المشيمة Placenta الذي يحيط بالجنين ويعمل كعازل بينه وبين الدورة الدموية للأم المصابة 

وقد لاحظ الأطباء حدوث أعراض جانبية للأم قبل الولادة مباشرة كنتيجة لجرعات العلاج الكيميائي مثل: انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء White Blood Cellsوالذي يتسبب بدوره في حدوث عدوى للأم والجنين عند الولادة
وتفاديًا لذلك يعرض الطبيب المعالج فكرة الولادة المبكرة لحماية الجنين من أخطار الأدوية المعالجة للسرطان ولكن بالطبع من الأفضل استكمال مراحل نمو الجنين وفترة الحمل وحدوث عملية ولادة طبيعية

ومن التحذيرات الواجب التي يوصي بها الطبيب المريضة بعد ولادة الجنين منعها عملية الرضاعة بسبب انتقال المواد الكيماوية إلى الجنين خلال لبن الأم.

عرضنا فيما سبق أنواع السرطان المختلفة التي تحدث في أثناء الحمل وطرق تشخيصها ثم طرق علاجها المختلفة، لكن السؤال هنا كيف يؤثر الحمل على مخاطر السرطان عند الأم المصابة؟

وتفسير ذلك أن الحمل لا يؤثر بشكل مباشر على آلية عمل علاجات السرطان، لكن النقطة الفاصلة في تأخر تشخيص وعلاج الأم المصابة بسبب تشابه أعراض الحمل الطبيعية مع أعراض الإصابة بالسرطان كما ذكرنا من قبل.

الآن وبعد معرفة كل ما يخص السرطان في أثناء الحمل Cancer during Pregnancy؛ فمن الوارد تخطر على أذهاننا العديد من الأسئلة. منها:
  • ما هي مدى خبرة الطبيب المعالج في التعامل مع حالات السرطان في أثناء الحمل وطرق تشخيصه وعلاجه؟
  • كيف سوف يسير العمل بشكل مشترك بين إخصائي النسا والولادة obstetrician والطبيب المعالج لمرض السرطان؟
  • ماهي خطة العلاج التي سوف يقترحها الطاقم الطبي المعالج؟ ولماذا تم اختيارها أنها الأنسب؟ وهل سوف يبدأ الأطباء في تنفيذها أم أنها مؤجلة لمراحل متأخرة في الحمل؟
  • هل المخاطر قريبة أم بعيدة الأمد على حياة كلًا من الأم والجنين في أثناء رحلة العلاج؟
  • هل هناك أملًا من تمكن الأم من اتمام عملية رضاعة طفلها بعد الولادة؟
كلها تساؤلات لا نتساءلها نحن فقط، بل من الأكيد تحتاج مريضة سرطان الحمل إجابات دقيقة عليها.


ليست هناك تعليقات