شغف العلم الذي لا ينتهي

سوء التغذية بين السمنة و النحافة - ساينسوفيليا

سوء التغذية بين السمنة و النحافة

سوء التغذية بين السمنة و النحافة



بقلم: منة الله صفوت

مراجعة: د.هبه الجلفي

أخصائي العلاج الطبيعي و التغذية العلاجية
عضو الجمعية المصرية للتغذية الطبية EMASO


يعاني معظمنا من الشعور السريع بالتعب أو سرعة النسيان وضعف الذاكرة أو حتى تساقط الشعر، ودائمًا نبحث عن علاج لهذه المشاكل دون علاج المشكلة الأساسية والتي تكون غالبًا بسبب سوء التغذية. في هذا المقال سوف نتكلم عن أنواع سوء التغذية وأسبابها وأعراضها وكيفية علاج سوء التغذية.

إن سوء التغذية عبارة عن حالة تنشأ نتيجة عدم التوازن بين احتياج الجسم وما يحصل عليه الجسم من مواد غذائية، سواء كان ذلك نتيجة عدم حصول الجسم على المواد اللازمة بالكميات الكافية، لعدم توفرها في وجبة الشخص أو عدم قدرة الجسم على إمتصاص هذه المواد من الغذاء والاستفادة منها (نقص التغذية)، أو الحصول على مواد غذائية أكثر من احتياج الجسم لها (زيادة التغذية).

أنواع سوء التغذية:

هناك ثلاثة أنواع رئيسية من سوء التغذية بعضها يكون بسبب نقص بعض العناصر الغذائية، وبعضها يكون بسبب زيادة التغذية.
اولا: بسبب نقص التغذية: -
و تحدث هذه الأنواع إما بسبب تناول كميات قليله من الطعام بسبب الفقر أو بسبب فقدان الشهية وهو ما يحدث نتيجة بعض الأمراض مثل (السرطان وأمراض الكبد وبعض المشاكل التي قد تسبب صعوبة في البلع أو التسوس) كما أن الأمراض النفسية يمكن أن تؤثر على شهية الفرد فالأشخاص المصابون بالاكتئاب أو الخرف مثلا يعانون غالبًا من سوء التغذية. 

هناك أيضًا العديد من الأدوية التي قد تؤثر على شهية الفرد مثل (مدرات البول لعلاج الضغط المرتفع – الديجوكسين لعلاج مشاكل القلب – وبعض أدوية السرطان)، وهناك بعض الأدوية التي تزيد من معدل الأيض وبالتالي يحتاج الجسم نسبة أعلى من المواد الغذائية، مثل (Thyroxin -Theophylline)  وبعض الادوية أيضًا تتداخل مع إمتصاص المواد الغذائية في المعدة والأمعاء مثل بعض أنواع المضادات الحيوية.

١-نقص الفيتامينات والمعادن: 
وهو الأكثر انتشارا، مثل فيتامين أ، ب، ج، د أو المعادن مثل الكالسيوم واليود والحديد والزنك والسيلينيوم وحمض الفوليك، هذه الفيتامينات والمعادن على رغم من وجودها بكميات قليلة في الجسم إلا أن نقصها يؤدي للعديد من المشاكل الصحية:

نقص فيتامين أ (A):
 يسبب جفاف العين، العمى الليلي كما أن نقصه يقلل المناعة وبالتالي يزيد خطر الاصابة بالعدوى، فكما يقال "الجزر يقوي النظر" وذلك لاحتوائه على فيتامين أ ويحتوي الكبد والبطاطا الحلوة والسبانخ والجزر على نسب عالية من فيتامين أ.

نقص فيتامين ب١٢ (B12):
 
يؤدي نقصه إلى مشاكل في الأعصاب ونقص في تكوين كرات الدم الحمراء (RBCs). يوجد فيتامين ب١٢ في العديد من الأطعمة مثل اللحوم والتونة والبيض والسبانخ.

نقص فيتامين ج (C): 
يؤدي نقصه إلى داء الإسقربوط (Scurvy) ومن أعراض هذا المرض نزيف اللثة وإنفتاح الجروح الملتئمة مرة أخرى، كما يؤدي نقص الفيتامين إلى الاكتئاب والشعور بالتعب وتأخر شفاء الجروح الحديثة و يوجد هذا الفيتامين في العديد من الخضراوات والفواكه وخاصة الفواكه الحمضية كالبرتقال والليمون ونحوه.

نقص فيتامين د (D): 
يسبب نقصه مشاكل في العظام مثل الكساح عند الأطفال وهشاشة العظام في الكبارو تحتوي العديد من الأطعمة مثل اللحوم والأسماك كالتونة والسردين ونحوها، والألبان والبيض أيضًا.

نقص الكالسيوم:
 
يسبب الشعور بالتعب والتوتر والقلق وآلام في العضلات وجفاف في الجلد كما يسبب ضعف الذاكرة وقلة التركيز و كما هو معروف فإن الألبان وكل منتجاتها كالزبادي وأنواع الجبن المختلفة تحتوي على نسب عالية من الكالسيوم.

نقص الماغنيسيوم: 
يسبب نقص الماغنسيوم القئ والدوار والضعف العام وآلام في العضلات والتنميل كما أن نقصه يؤدي إلى فقدان الشهية وعدم إنتظام ضربات القلب وتحتوي المكسرات بشكل عام على نسب عالية من الماغنيسيوم، وأيضًا بعض الخضراوات كالسبانخ.

نقص الزنك:
 
يؤدي إلى فقدان الشهية، ضعف النمو، بطء عملية التئام الجروح وزيادة تساقط الشعر. تحتوي البحريات كالمحار والكابوريا (السلطعون)، وبعض الخضراوات والفواكه كاليقطين (قرع العسل) على نسب من الزنك.

نقص الحديد: 
قد يؤدي إلى اختلال وضعف وظائف الدماغ وقد تصبح درجة حرارة الجسم غير منتظمة كما يسبب نقصه بعض المشاكل في المعدة، ونقص الحديد أيضًا يعد أحد أسباب الأنيميا وتعد اللحوم والأسماك مصدر أساسي للحديد، كما أن بعض الفواكه والخضروات كالسبانخ، وبعض المكسرات ايضًا تحتوي على الحديد.

نقص اليود: 
يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية (Goiters) ونقص إنتاج هرمون الغدة الدرقية (Thyroid hormone) كما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النمو الجسدي والنضج عند الأطفال ويحتوي السردين والجمبري والبيض والألبان على نسب جيدة من اليود.

نقص السيلينيوم: 
على الرغم من وجوده بكميات قليلة إلا أن نقصه يؤدي إلى ضعف في أداء عضلة القلب، ضعف في المناعة ويؤدي ايضًا إلى هشاشة العظام ويحتوي المشروم، واللحوم والبيض على نسب جيدة من السيلينيوم.

٢-نقص البروتينات والمواد الأساسية: 
ويحدث هذا عندما يكون النقص في هذه العناصر عالي ويحدث نقصان سريع وغير طبيعي في الوزن، ويمكن أن يؤدي هذا لواحد من ثلاث مشاكل خطيرة:
  • الهزال الشديد (Marasmus):
    هذه الحالة تحدث نتيجة نقص سريع وغير طبيعي في الدهون والبروتينات وخاصة الدهون نتيجة نقص التغذية. يؤدي ذلك إلى انخفاض في العمليات الحيوية داخل الجسم ويتضمن ذلك الجهاز المناعي أيضًا وهذه الحالة تحدث غالبًا في الأطفال.

  • حالة (Kwashiorkor):
     تكون نتيجة نقص البروتين في الغذاء والاعتماد على الكربوهيدرات أكثر، ويحدث في هذه الحالة احتباس للسوائل في الجسم خاصة في القدمين، ونتيجة لذلك قد يبدو الطفل الذي يعاني من هذا النوع من النقص التغذية ممتلئ.

  • حالة (Marasmic-Kwashiorkor): 
    حيث يعاني المريض من أعراض كلًا من الحالتين السابقتين من الإنحلال السريع للدهون والمواد الاخرى مع احتباس السوائل.

و مما سبق نلاحظ أعراض شائعة في من يعانون من سوء التغذية مثل:

  •  فقدان الشهية وعدم الرغبة في الأكل أو الشرب 
  •  الإجهاد العام والشعور بالتعب بسرعة 
  •  فقدان التركير
  •  فقدان الوزن بشكل ملحوظ من الدهون والكتلة العضلية أيضًا 
  •  الشعور بالبرد 
  •  الشعور بالاكتئاب 
  •  بطء التئام الجروح 
  •  ضعف المناعة وبالتالي سهولة الإصابة بالعدوى.
ثانيا: زيادة التغذية عن الطبيعي: - 
من أهم علامات زيادة التغذية زيادة الوزن بشكل كبير أو البدانة، وعلى الرغم من ذلك فإنه يؤدي إلى سوء التغذية .

 وقد أثبتت الدراسات أن زيادة الوزن والبدانة تقلل نسبة الفيتامينات والمعادن في الدم، وهذا لأن الأشخاص الذين يعانون من السمنة في الغالب يعتمدون في وجباتهم على الدهون والطعام الجاهز وهذا النوع من الطعام لا يحتوي على كل المواد الأساسية للجسم بل يحتوي على الكربوهيدرات والدهون والتي يتم تخزين الزائد منها عن حاجة الجسم داخل الخلايا الدهنية مما يؤدي إلى زيادة الوزن
إذًا كيف نشخص سوء التغذية؟

يكون ذلك عن طريق ملاحظة الأعراض المذكورة من فقدان الشهية وفقدان التركيز أو زيادة الوزن بشكل ملحوظ وغيرها
و عند حدوث هذه الأعراض فإننا نلجأ للطبيب لتأكيد هذا التشخيص عن طريق بعض الفحوصات مثل قياس الطول والوزن وتحديد ما يدعى مؤشر كتلة الجسم (Body mass index) وقياس قطر ونسبة الدهون الموجودة في الجزء العلوي من الذراع. ويمكن أيضًا التقييم عن طريق تحليل الدم لحساب نسبة الفيتامينات والمعادن الموجودة في الجسم، وبعض الاختبارات الأخرى التي قد يطلبها الطبيب تبعًا للحالة.

إليكم طريقة حساب مؤشر كتلة الجسد مع أنها ليست دقيقة لأنها تعتمد على نسبة الوزن بالنسبة للطول:

إن مؤشر كتلة الجسد يساوي كتلة الجسم بالكيلوجرام/ مربع الطول بالمتر، فإن كانت النسبة أعلى من ٢٥ فإن الشخص يعاني غالبًا من السمنة وتختلف درجات السمنة تبعًا لاختلاف الرقم، وإن كانت النسبة تتراوح بين ١٨ إلى ٢٥ فإن وزن الشخص جيد ومثالي، أما إن كانت النسبة أقل من ١٨ فإن الشخص يعاني من نقص تغذية وتختلف درجة خطورتها تبعًا للنسبة.

إن الأشخاص الذين يعانون من سوء تغذية في بعض العناصر قد يكون وزنهم مثالي ولكن المشكلة تكون في نوعية الطعام ولهذا فإن مؤشر كتلة الجسد ليست طريقة دقيقة لتحديد المشكلة، ولكنها تساعد في حالات السمنة المفرطة وتحديد نسبة نقص التغذية الحاد.
و هذا موقع لحساب مؤشر كتلة الجسم

و بعد أن عرفنا كل ذلك كيف نعالج نقص التغذية؟

يكون العلاج على حسب خطورة الحالة، حيث إن معظم الحالات تحتاج فقط إلى تنظيم وتنويع نظامهم الغذائي، بحيث يتضمن المواد الناقصة في الجسم، وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام بعض المكملات الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن المطلوبة، وأيضا يعمل على علاج أسباب سوء التغذية كفقدان الشهية ونحوه، وقد يلجأ إلى بعض الأدوية التي تزيد الشهية أو بعض الأدوية التي تزيد الكتلة العضلية، ولا تستخدم إلا تحت إشراف طبي.

أما في حالة زيادة الوزن فإن الطبيب يركز على إنقاص الوزن الزائد بتقليل الوجبات الغير مفيدة والاعتماد على الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من المواد التي يحتاجها الجسم مع ممارسة الرياضة بشكل يومي. 

وقد يلجأ الطبيب لاستخدام الأدوية التي تساعد على التخسيس وذلك في حالات خاصة لما لهذه المواد من تأثيرات ضارة أيضًا، لذلك يجب ان تكتب بواسطة الطبيب المختص. وهناك أيضًا بعض الحالات التي قد تحتاج إلى التدخل الجراحي، وهو ما يحدده الطبيب المختص أيضًا.

و في النهاية علينا أن نعلم أن الغذاء المتوازن والتنويع في تناول الطعام من بروتينات وكربوهيدرات ومعادن وفيتامينات وحتى النسب القليلة من الدهون مهم جدا لحماية الجسد والعقل والحالة النفسية، حيث إن أجسادنا أغلى ما نملك ويجب علينا الحفاظ عليها. وقد وهبنا الله التنوع في الأطعمة، ولذلك نحن نحتاج إلى استخدام هذا التنوع والاستفادة والاستمتاع بكل هذه النعم التي وهبنا الله إياها.

المصادر:-


ليست هناك تعليقات