شغف العلم الذي لا ينتهي

الحديث الإلهى بين بطانة الرحم والجنين - ساينسوفيليا

الحديث الإلهى بين بطانة الرحم والجنين؛ الرحم دائما ما يسعى للأفضل من أجل الجنين


الحديث الإلهى بين بطانة الرحم والجنين؛ الرحم دائما ما يسعى للأفضل من أجل الجنين

 بقلم: هالة يحيى 
مراجعة علمية وتدقيق: د. احمد سعيد

آلية عملية زراعة الأجنة بين مقاومة ودفاع بطانة الرحم وإصرار الجنين في الوصول إلى هدفه:
هناك العديد من الأحاديث المتبادلة حول عملية زرع الأجنة في رحم الأنثى يأتي ذلك بسبب وجود حالات يكون فيها من الصعب حدوث الحمل داخل رحم الأنثى بصورة طبيعية أو حتى بمساعدة أطباء النسا والولادة المختصين، وهذا يعني أن الرحم في هذه الحالة  يكون غير مُهيأ لعملية زراعة الجنين Implantation process.
والعديد من الدراسات الحديثة شبهت عملية زراعة الجنين في بطانة الرحم Endometrium بالمعركة مع وصف بطانة الرحم بالحصون ونافذة القبول التي تسمح فقط بزراعة الأجنة السليمة داخلها، ومن هنا يجب معرفة أن مستقبل الجنين خلال مراحل الحمل الأولى غير معلوم المصير قبل زراعته والتصاقه بصورة كاملة

في الفترة بين ثلاثة إلى خمسة أيام قبل عملية الزراعة تحدث ٣ مراحل تسمى المراحل المُمهدة لزرع الجنين داخل الرحم وهي:
١- تحديد بطانة الرحم المستقبلة للجنين
٢-التعرف على مسار الإشارة المُستمدة من المرحلة الجنينية التي يحدث لها الزرع وهي Blastocyst
٣-وتنتهي بالوصول الفعلي للمرحلة الجنينية إلى مكان الزرع ثم التغلب على دفاعات بطانة الرحم واستقرار الجنين به 

ويُعد تلف الطبقة المبطنة للرحم أحد أهم العوامل المساعدة في زرع الجنين حتى في حالة غياب التحضير الهرموني والسبب في ذلك أن الطبقة الظاهرية Epithelium تعمل كمانع لزرع والتصاق الجنين في الرحم وعند تدميرها يتمكن الجنين من التصاقه داخل الرحم بصورة أبسط وتفسيرًا لذلك أن بطانة الرحم وهي محل الاستقبال الجنيني يحدث لها إعداد وتجهيز هرموني يسبق حدوث الحيض ولذا فإن بطانة الرحم المستقبلة للجنين تُشبه الأنسجة المصابة وبدوره يتعرف الجنين السليم على الوقت المناسب لبطانة الرحم الضعيفة ثم ينتهز فرصة الزرع.
وعلى مدار عملية زراعة الجنين داخل الرحم يحدث تغيرات تسبق وأخرى تلي زراعة الجنين في طبيعة وبناء بطانة الرحم

التغيرات التي تسبق الزرع وتشمل:
استحضار إشارات جزيئية مسئولة عن تهيئ طبقة الطلائية حتى تصبح خلايا الطبقة مسطحة وتفقد صفاتها القطبية مع زيادة تكوين الأوعية الدموية داخل الطبقة، ويتماشى مع هذه التغيرات حدوث اختلافات في التركيب الجيني لبطانة الرحم مثل تغيرات في مستوى عوامل النسخ الجيني بالإضافة إلى تخزين وإعادة توزيع مكملات سكريات عديدة تُعرف بإسم glycans وهي مكملات تلعب دور مناعي هام حيث تعمل كمواقع تَعرف على أسطح الخلايا فترشد خلايا الدم البيضاء في الجسم إلى مراكز حدوث الإصابة أو الالتهاب.
ومعنى ذلك أن محاولة زراعة الجنين في بطانة الرحم تتسبب في حدوث استجابة مناعية من جسم الأم داخل الرحم حيث تتيح محاولات زرع الجنين من تنشيط الاستجابة لحدوث الالتهاب في مواقع مختلفة من بطانة الرحم وتنشيط معها المسار التكميلي المناعي بإفراز خلايا دفاعية مختلفة؛ تحدث الاستجابة الالتهابية بصورة بالغة والتي يُمكن أن تزيد من تلف الأنسجة في الطبقة الطلائية داخل بطانة الرحم مما يؤدي إلى زراعة المرحلة الجنينية Blastocyst وما يحيط بها من خلايا خارجية Trophoblast.
تضُم الاستجابة المناعية عمل الغدد التناسلية Chorionis Gonadotropin CG والتي يأتي دورها في مساعدة عملية التكاثر لأنها تُزيد من فرص نجاح محاولة زرع الجنين، وأثناء محاولة الجنين التغلب على دفاع بطانة الرحم يستخدم تقنيات هجومية عن طريق إطلاق حويصلات خلوية إضافية وعديدات نسخ الجينات mRNA وهذه التقنيات تستحوذ على الآلية الخلوية الضرورية في اتمام التكوين الجيني للجنين قبل الوصول إلى هدفه والتصاقه في الرحم.
فور وصول الجنين بطانة الرحم وقبل حدوث التغيرات في تركيبها البنائي؛ يحاول الجنين اختراق الطبقة الطلائية عن طريق أضعاف بروتين يُسمى E-cadherin وهو العامل المسئول عن التصاق خلايا بطانة الرحم ببعضها، إلى جانب ذلك تفرز طبقة الخلايا الخارجية الذي تحيط بالمرحلة الجنينية Blastocyst انزيم Protease والذي يعمل على أضعاف خلايا بطانة الرحم تسهيلًا لزراعة الجنين، وتشير الدراسات الأخيرة أن آلية حدوث الالتهاب وهي ضمن الاستجابة المناعية التي يولدها الجنين داخل الرحم هي أحد الأسباب الأساسية في تخطي عوائق بطانة الرحم وزراعة الجنين بداخلها.

:التغيرات التي تلي عملية زرع الجنين هى

تأتي بعد ذلك التغيرات في طبيعة وبناء بطانة الرحم بعد نجاح الجنين في استقراره داخل الرحم حيث يقوم الجنين بتحويل الرحم إلى هيكل جديد عن طريق إعادة برمجة الخلايا لتصبح خلايا الطبقة الطلائية ذات وظيفة افرازية وتكون قادرة على تغير التركيب الجيني لها، كما يحدث إصلاح للجهاز المناعي للرحم في عدة اتجاهات منها إضعاف خلايا مناعية تُعرف بالخلايا القاتلة الطبيعية NK  وإفراز T Cells & B Cell الخلايا المناعية

تنتقل بعد ذلك استكمال آلية العمل في تقليل الجنين للنظام الدفاعي داخل الرحم نفسه

تبدأ الخلايا الخارجية المحيطة بالجنين في التكاثر على نطاق واسع ثم يعقبها غزو خلايا الكتلة الداخلية للجنين التي تنتج خلايا تُسمي (ICM) Inner Cell Mass التي تُعزز من قوة التصاق الجنين داخل الرحم خلال مراحل الحمل.

إلى أنه قد يظن البعض أن بطانة الرحم تُشكل سبباً في قلة فرص الحمل بشكل عشوائي؛ لكن القصد من كل هذه الدفاعات سواء المناعية أو التغيرات البنائية فيها حتى تضمن وصول الأجنة الصحيحة فقط لعملية الزرع والالتصاق بها.

ولذلك فلا عجب إذا وجدنا أن مُعدل الحمل الطبيعي لا يتجاوز نسبة ٣٠٪ أو أقل ،فبما أن الحمل عملية مُكلفة للإنسان فإن الرحم يضمن ببساطة أن الجنين السليم يفوز بالمعركة ؛ فمن الواضح أنه مجرد أن يثبت الجنين السليم نفسه أنه يستحق فإن بطانة الرحم تقلل من أنظمة دفاعها 

ومن هنا يأتي تفسير حدوث حالات الإجهاض المتكررة التي لا يوجد لها أسباب مرضية معينة، أن بطانة الرحم غير قادرة على استقبال جنين ضعيف أو غير صحي.  


:المصادر   

ليست هناك تعليقات