شغف العلم الذي لا ينتهي

الإستمطار وزراعة السحب - ساينسوفيليا

الاستمطار (زراعة السحب) 

الاستمطار (زراعة السحب)

بقلم/ عمر ياسر محمد
مراجعة وتدقيق/ د هبة هاشم 
هل تسائلت يومًا مع زيادة حرائق الغابات، ماذا لو أمكن التحكم في الأمطار لإطفاء هذه الحرائق؟؟
قد تظن أن هذا مجرد خيال إلا إنه في الحقيقة أسلوب مُستخدم بالفعل منذ عدة عقود وفي عدة دول.
إذن كيف و متى بدأت هذه التقنية ؟

يقال أن أول محاولة لإسقاط الأمطار المتعمد تعود إلى القرن الـ 17، حينما حاول القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت إطلاق قذائف مدافعه نحو السحب، بغرض تفتيتها وإسقاط الأمطار، ومع التقدم العلمي والتكنولوجي بدأت بعض الدول في تنفيذ هذا باستخدام بالونات هوائية وطائرات ورقية لإيصال المتفجرات إلى السحب، إلا أن هذه المحاولات فشلت، وتسببت في حدوث حرائق وكوارث.
وتوالت المحاولات من الدول حتى عام 1964 توصل العالم Irving Langmuir إلى طريقة لزيادة برودة السحب، فقام باستخدام وحدة تجميد عالية مزودة ببعض العوامل المختلفة لتحفيز نمو بلورة الجليد، مثل ملح الطعام ومسحوق بودرة الطلق وبعض العوامل الكيميائية المختلفة، ثم في يوم كان حارًا ورطبًا لم تنجح هذه العملية فقرر إضافة قطعة من الثلج الجاف (CO2) لخفض درجة الحرارة أكثر و بمجرد النفخ في وحدة التجميد، لاحظ ضبابًا مُزرقًا، يليه ظهور الملايين من بلورات الثلج المجهرية التي تعكس أشعة الضوء القوية من المصباح الذي يضيء الغرفة.
ثم اكتشف العالم Bernard Vonnegut مواد كيميائية أخرى مثل مركبات من الفضة والايوديد لتحويل الماء شديد البرودة إلى بلورات ثلجية.
وتم اعتماد كلتا الطريقتين فيما يعرف ب (البذر السحابي) عام 1964 وتمت أول تجربة ناجحة في أمريكا بمعرفة العالم Vincent Schaefer شمال ولاية نيويورك في 13 نوفمبر 1946، عندما تمكن العلماء من اسقاط الثلوج بالقرب من جبل Grey-lock في غرب ماساتشوستس، بعد أن ألقي ستة أرطال من الثلج الجاف على السحب المستهدفة من طائرة.
ومن هنا عرف مصطلح (الاستمطار) او (cloud seeding) الذي اعتمدت عليه عدة دول خاصة الصين التي استضافت دورة الالعاب الأوليمبية عام 2008 والتي ضمنت على العكس سماء صافية تمامًا لهذا الحدث عن طريق إطلاق أكثر من الف صاروخ لتشتيت الأمطار في المدينة المستضيفة قبل الحدث.

أكثر طرق الاستمطار شيوعا تعتمد على ثلاث خطوات:
1 - رش السحب الركامية المحملة ببخار الماء الكثيف بواسطة الطائرات برذاذ الماء؛ ليعمل على زيادة تشبع الهواء وسرعة تكثف بخار الماء لإسقاط المطر، وهذه طريقة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.
2 - قذف بلورات من الثلج الجاف (ثاني أكسيد الكربون المتجمد)، بواسطة الطائرات في منطقة فوق السحب؛ لتؤدي إلى خفض درجة حرارة الهواء، وتكون بلورات من الجليد عند درجة حرارة منخفضة جدًا، لتعمل على التحام قطرات الماء الموجودة في السحب وسقوطها كما في حالة المطر الطبيعي.
3 - رش مادة يوديد الفضة (AgI) بواسطة الطائرات، أو قذفه في تيرات هوائية صاعدة لمناطق وجود السحب، ويكون ذلك باستخدام أجهزة خاصة لنفث الهواء بقوة كافية إلى أعلى، ويعد يوديد الفضة من أجود المركبات التي تستخدم كنويات تكاثف صلبة والتي تعمل على تجميع جزيئات الماء، وإسقاط أمطار غزيرة على الأرض.

على الرغم من هذة التقنية العلمية إلا أنه لا تزال فاعلية الاستمطار محل نقاش أكاديمي مع تباين النتائج، خاصة أنه من الصعب التحديد ما إذا كانت زيادة هطول الأمطار التي تحدث بعد الاستمطار قد نتجت فعلًا بسببه أم أنها كانت بشكل طبيعي، مع العلم أنه أكثرالنتائج إيجابية للاستمطار وفق الدراسة لم تُسفر عن زيادة هطول بنسبة أكثر من 10% الى 15%.
و الأهداف الأساسية للدول في التعامل بهذه التقنية هي من أجل الحصول على كمية مضاعفة من الأمطار بشكل نسبي والمساعدة نسبيًا على الحد من الجفاف وزيادة الجريان السطحي (المستخدم في توليد الكهرباء) وتغذية خزانات المياه الجوفية، وبالتالي تحقيق استفادة.

الأثار السلبية لعملية الأستمطار:
من المخاوف الأساسية في عملية الاستمطار عند استخدام مواد كيميائية في العملية فمن المحتمل أن تتراكم في التربة مع الهطول المتزايد وتؤدي الى تسمم المحاصيل كما حدث في عدة تجارب عندما تم استخدام ( نترات الفضة ) كعامل أيوني حفاز أدى الى تغير لون الماء حسب مشاهدات سكان المناطق. 
واستجابة لهذه المخاوف، اختبر العلماء بدائل غير سامة ليوديد الفضة، فقد وجدوا أن كلوريد الكالسيوم أكثر فاعلية وأقل سمية، الجرعات المنخفضة من هذا الملح من غير المحتمل أن تضر بالبيئة.

من المخاطر المحتملة الأخرى هي زيادة هطول الأمطار في منطقة معينة.
 هل سيؤدي المطر في منطقة ما إلى الجفاف في منطقة أخرى؟ هل يمكن للبذرة السحابية أن تسبب سقوط أمطار كثيرة؟ يمكن أن يسبب الفيضانات؟ لم يتوصل العلماء بعد للإجابة عن تلك التساؤلات، فإن أنظمة الطقس عملية إلاهية معقدة للغاية و من الصعب التنبؤ بالضبط كيف ستلعب جهود تعديل الطقس.
في عام 1972، دمر فيضان سريع مدينة رابيد داكوتا الجنوبية، اشتبه الناس هناك أن عمليات زراعة السحب القريبة ربما كانت عاملاً، لكن لا يوجد دليل على أن البذرة السحابية هي السبب، ومع ذلك فإن مثل هذه الأحداث لا بد أن تجعل الناس متشككين.

من الاستخدام السئ أيضًا هو استخدام تقنيات تعديل الطقس كأسلحة. على سبيل المثال، أثناء حرب فيتنام أدارت الولايات المتحدة عملية بوباي. استخدمت تكنولوجيا تعديل الطقس لتمديد موسم الرياح الموسمية في فيتنام. أدى ذلك إلى إغراق الطرق والأنهار التي تستخدمها قوات العدو عادة، وفي عام 1977 حظرت معاهدة دولية استخدام تعديل الطقس لأغراض عسكرية وأغراض عدائية أخر.

المصادر:
Chen, A. (2018, January 22). Does cloud seeding really work? An experiment above Idaho suggests humans can turbocharge snowfall. Science .

Coonan, C. (2008, August 11). How Beijing used rockets to keep opening ceremony dry. Independent.
French, J., & Tessendorf, S. (2018, March 14). Does cloud seeding work? Scientists watch ice crystals grow inside clouds to find out. The Conversation.
Tucker, E. (2018, October 11). Fact file: Cloud seeding. Global News.

هناك تعليقان (2):

  1. زائد جزء بسيط عن الأعاصير لم يتم ذكره في المقال وهو فكرة استخدام مواد كيميائية ونشرها على السحب التي تكّون الاعاصير، والتي تعمل على توقف نمو الإعصار وتبديده .
    وقد تم مع أكثر من إعصار مدمر حول العالم ؛ لكن توقفت التجربة لارتفاع التكلفة .

    ردحذف
    الردود
    1. ممتاز جدا
      تعليق مفيد نشكرك وان كنت متخصص يسعدنا انضمامك

      حذف