شغف العلم الذي لا ينتهي

مفهوم الرقابة الذاتية لدى الفرد وكيفية بناءها


مفهوم الرقابة الذاتية لدى الفرد وكيفية بناءها 

بقلم : شيماء إبراهيم 



هل يمكن تنمية الرقابة الذاتية لدى الفرد؟ وما خطوات بنائها؟

  وهذا الرقابة الذاتية هي الأساس في بناء شخصية قوية لدى الفرد ، فهي تعني امتلاك الفرد القدرة على المراقبة الذاتية والتفكير الجيد في العمل قبل القيام به ، ومن ثم القيام بالأعمال الصحيحة ، وترك الأعمال الخاطئة التي قد تكون لها نتائج غير مرضية من المجتمع الذي يعيش فيه ، كما أن قدرة الفرد على مراقبة نفسه وتعديلها ، والعمل على تقويمها ، تمنحه الثقة بنفسه ، لأن هذه القدرة تدار ذاتيا ، وبمعزل عن الإدارة الخارجية من قبل الآخرين ، فهي تبعده عن الانغماس الزائد في الملذات ، وتسمح له بالتركيز على المسئوليات ، فهي تساعده على استخدام عقله للسيطرة على عواطفه . 

                                            
     والرقابة الذاتية تمثل أرقى أنواع الرقابة ، وأكثرها جدوى ، فهي بمثابة نبض الضمير ، و وازع الخلق النابع من استشعار المسئولية والإحساس بالواجب ، وتعمل على إكساب الفرد خصالاً كريمة ، كالعطف ، والكرم تجاه الآخرين.

      ويمكن النظر إلى الرقابة الذاتية مجرد مكونات تفكير ما وراء المعرفي حيث ينظر إلى التفكير فيما وراء المعرفي بأنه يفكر المعرفي ، والتفكير في كفاية التفكير ، إذًا الفرد الفرد لمراقبة تفكيره ، ومع كفاياته في قدرته على حل المشكلات التي تواجهه ، ويعمل على تصحيح تقويماته بطريقة تؤدي إلى الحل ، ومن ثم يعمل على اختيار المناسبة لتحقيق الحلول المرغوبة ، وكذلك عن أنه يستخدم التفكير المنظم ذات الصلة التفكير التنظيمي ليرشده إلى أعماله الصحيحة.   

     ومن وجهة نظري فالرقابة الذاتية هي قدرة الفرد على مراقبة نفسه وتنظيم سلوكه ، والسيطرة على رغباته وشهواته ، ومواجهة الإغراءات من حوله ، بمعزل عن الإدارة الخارجية من قبل الآخرين.

خصائص الرقابة الذاتية :
1 - امتلاك الشخص معاييراً وأهدافاً تساعده في تحديد السلوك المناسب.
2- قدرة الفرد على عمل مراقبة متكررة لمتابعة سلوكهالخاص. 
3 - القدرة على التعديل النفسي للسلوك.

    بينما يرى أحمد علي صالح 2010 أن من خصائص الرقابة الذاتية:
1- إدارة جيدة لحالات التهور ، والاندفاع والشعور بالحزن.
2- التحلى بالصبر والتأني حتى في أصعب الحالات.
3-التفكير بوضوح والمحافظة على التركيز في ظل الضغوط الكثيرة.
4- مقاومة الاندفاع في المواقف المختلفة.
5- التصرف بشكل هادئ في المواقف المرهقة.
6- البقاء هادئا وإيجابيا حتى في اللحظات المتعبة.
7- تهدئة الآخرين في الظروف المرهقة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يمكن تنمية الرقابة الذاتية لدى الفرد؟
وما خطوات بنائها؟
  إن تنمية الرقابة الذاتية لدى الفرد يقع على عاتق الأسرة، فالأسرة لها دور بالغ الأهمية في تنمية الرقابة الذاتية لدى الأبناء من خلال التربية الأخلاقية السليمة للأبناء، والقرآن الكريم مليء بالآيات القرآنية الكريمة التي تؤكد على أهمية الرقابة الذاتية وتنميتها في الوقت نفسه، إذ قال الله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (سورة ق: آية 18) ، وأيضاً في قصة يوسف تتجلى الرقابة الذاتية في أروع معانيها ، فقد قال الله تعالى "وراودته التي هي في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون "(يوسف اية 23) وهنا نرى أن الرقابة الذاتية هي القوة الأساسية لمواجهة انحراف الشباب، وهي الدافع الذي يدفعه إلى الخير، ويبعده عن الشر، فالرقابة الذاتية تساعد الشباب الخاصةً، في أن يصبحوا قادرين على التغلب على الإغراءات الكثيرة التي حولهم، فأبناء هذا العصر بما فيه تحديات كبيرة وخطيرة في أمس الحاجة إلى زرع الرقابة الذاتية في نفوسهم، فالصغار والكبار في مجتمعاتنا اليوم، يتعرضون للكثير من السلوكيات المدمرة أخلاقياً عبر القنوات الفضائية والإنترنت، والتي تعرض نماذج غير أخلاقية ، وتبث التهكم وعدم الاحترام ، وتحث على العنف والعدوان، وتشجع على الانحراف، والإدمان بشكل يقضي على شبابنا، ويدمرهم أخلاقياً، ومن ثم، فإن تنمية الرقابة الذاتية لدى الشباب يساعدهم على مواجهة تلك التحديات والضغوط اللاأخلاقية التي يواجهونها، ويدعم إحساسهم الداخلي بالصواب والخطأ. فإن تنمية الرقابة الذاتية لدى الشباب يساعدهم على مواجهة تلك التحديات والضغوط اللاأخلاقية التي يواجهونها، ويدعم إحساسهم الداخلي بالصواب والخطأ. 

خطوات مهمة لبناء الرقابة الذاتية وهي:
1-الخطوة الأولى (القدوة)، فالقدوة هي أفضل الطرق لاكتساب الأفراد الفضيلة الأخلاقية الخاصة بالرقابة الذاتية، تعد تعد تصرفاتنا النص الحي للآخرين.
2-الخطوة الثانية، وهي تشجيع الفرد أن يكون شخصية يعتمد عليها.
                                                         
3-الخطوة الثالثة، تعليم الأفراد القدرة على اتخاذ القرار والسيطرة على دوافعهم وانفعالاتهم والتفكير قبل العمل. 

  نستنتج مما سبق أنه حينما تغيب الرقابة الذاتية لدى الفرد، فإن النتيجة الحتمية لذلك هي إطلاق الشهوات لديه بلا ضابط ، وهبوطه من مستواه الرفيع الذي خلق من أجله ألا وهو مستوى الخلافة والرفعة ، والتكريم إلى مستوى الحيوان، وربما أدنى من ذلك، فعندما تنعدم الرقابة الذاتية لدى الفرد الذي مهما كانت القيود التي تفرض عليه، ومهما كانت الرقابة الخارجية قوية ، فهو عرضة للانحراف والابتعاد عن الصواب، ولما كانت الرقابة الذاتية نتاجاً للتربية، فإن تقصير الأسرة، والمدرسة، والجامعة بدورها التربوي الفعال ينعكس على مستوى الرقابة الذاتية لدى الأبناء، فشباب اليوم أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بالواقع، ومتغيراته، ومعطيات البيئة الحيويه المادية والمعنوية من فكر وقيم ومشاعر وسلوك، وهم أشد انفعالاً وتفاعلاً وأكثر استعداداً للانجرار وراء مغريات الحياة، والانحراف والتقليد الأعمى والجري وراء الأهواء والشهوات. 

المصادر : 

1- القران الكريم
2- أحمد علي صالح واخرون (2010): الإدارة بالذكاءات ، منهج التميز الإستراتيجي والاجتماعي للمنظمات ، الطبعة الأولى ، عمان ، الأردن ، دار وائل للنشر والتوزيع.
3- سعيد علي الراشدي (2007): الإدارة بالشفافية ، الطبعة الأولى ، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
4- عامر عبد الكريم الذبحاوي (2012): دور الذكاء الأخلاقي في دعم سمعة المنظمة دراسة تحليلية لأراء عينة من القيادات الجامعية ، رسالة ماجستير ، جامعة الكوفة.
5- مريم مهذول محمد الطائي (2008) الذكاء الأخلاقي لدى طلبة المدارس المتوسطة، مجلة العلوم النفسية، العدد (17)، بغداد.
6- مي محمد سليمان جار الله (2008): العلاقة بين أساليب المعاملة الوالدية ومستوى
     جامعة الملك بن سعود الاسلامية، كلية العلوم الاجتماعية، المملكة العربية السعودية، الرياض. موقع سيكولوجية مصرية.

المراجع الاجنبية:
7- لاران ، جوليانو ، (2010) ، اختيار مستقبلك: المسافة الزمنية
والتوازن بين ضبط النفس والتسامح ، مجلة أبحاث المستهلك ، المجلد 36.
8- Siemens، Kopp، Steven.w (2011): تأثير بيئات المقامرة عبر الإنترنت على التحكم الذاتي ، مجلة السياسة العامة والتسويق المجلد 30.N2.
9- فيلان وليم (2010) ضبط النفس السياسي والأوروبي
الدستور: افتراض الولاء السياسي القومي للالتزامات الأوروبية كحل لمشكلة ليكس الخلفية لقانون المفوضية الأوروبية في الأوامر القانونية الوطنية ، مجلة القانون الأوروبي ، المجلد 16 ، رقم 3

ليست هناك تعليقات