شغف العلم الذي لا ينتهي

غاز الهيدروجين أملًا لحمايتنا من الإشعاع وتخفيفًا لألم متلقي العلاج الإشعاعى

هل من الممكن أن يكون غاز الهيدروجين أملًا لحمايتنا من الإشعاع وتخفيفًا لألآم متلقي العلاج الإشعاعى؟

غاز الهيدروجين أملًا لحمايتنا من الإشعاع وتخفيفًا لألآم متلقي العلاج الإشعاعى

اعداد:هاله عاطف 

مراجعة و تدقيق/ د.هبة هاشم-دكتورة الكيمياء العضوية-قسم الكيمياء-جامعة عين شمس


غاز الهيدروجين "الأيدروجين  H2" ذلك العنصر الكيميائي الأخف والأكثرة وفرة فهو يِشّغِل
ثلاثة أرباع كتلة الكون، عديم اللون والرائحة، قابل للاشتعال وغير سام.
لا يوجد غاز الهيدروجين منفردًا، فدائمًا ما يكون مرتبط بروابط تساهمية قويه مع الذرات
الأخرى مثل وجوده في الماء مرتبطًا بالأكسجين (H2O)  ويوجد أيضًا في أجسامنا وفي النباتات
مرتبطًا بالمركبات العضوية الأخرى.


يمكن الحصول على غاز الهيدروجين صناعيًا من الماء عن طريق عملية التحليل الكهربائي أوضوء الشمس أو باستخدام كائنات حية دقيقة (تحلل الماء بيولوجيًا)، أو عن طريق تسخين الغازالطبيعي بالبخار منتجًا خليط من الهيدروجين وأول أكسيد الكربون.

من المعروف لنا أن الهيدروجين يُستخدم على نطاق واسع فى كوقود لوسائل النقل وتوليد الطاقة الحرارية وفي الصناعات الكيميائية و يُستخدم أيضًا في إنتاج الأسمدة و يُضاف إلى الزيوت في عمليات الهدرجة.

 ما الأهمية الطبية لغاز الهيدروجين؟

-عام 1888م ذَكَرت إحدى المنشورات العلمية أن غاز الهيدروجين تم استخدامه فى تفريغ القناة المعدية المعوية لتحديد
موقع الإصابات الحشوية وتجنب العمليات الجراحية الغير مبررة.

عام 1975م أفاد العلماء أن غاز الهيدروجين تحت ضغط عالي قد يكون علاجًا محتملًا للسرطان، حيث وجدوا انحدارًا
واضحًا فى سرطان الخلايا الحرشفية الجلدية عن طريق استنشاق خليط من (الهيدروجين بنسبة97.5% والأكسجين بنسبة 2.5%) بإجمالى 0.8 ميجا بكسل لمدة أسبوعين فى التجارب الأولية على الفئران وقد استمرت تلك الدراسات على غاز الهيدروجين حتى عام 2007 م .

-عام 2007م الذى كان نقلة نوعية لإمكانية استخدام الهيدروجين على مجال أوسع للوقاية من التأثيرات البيولوجية للإشعاع.
حيث وجِدَ أن غاز الهيدروجين له خصائص عديده:
  • مضاد  للأكسدة 
  • مضاد للألتهاب 
  • يحمى الدماغ من السكتات الدماغية
  • له آثارا وقائية أو علاجية لعضلة القلب، الكبد،زراعةالرئة والكلى 
  • مهم للأعراض التحسسية بعد إجراء زرع الخلايا الجذعية المكونة للدم. 
  • كشفت الأبحاث الأساسية والسريرية الحديثة أن الهيدروجين هو عامل تنظيمى فسيولوجى مهم وله
    تأثيرات وقائية مضادة للأكسدة والألتهابات كما ثبت أن للهيدروجين تأثيرات واقية من
    من الإشعاع على الفئران والخلايا المستزرعة.
 

ولكن كيف يعمل الهيدروجين كعامل وقائى من الإشعاع؟

لا بد أن نعرف أولًا كيفية تأثيرالإشعاع على خلايانا: 

الاشعاع هو عملية تنتقل فيها الجسيمات النشطة عبر وسط أو مساحة ولها تأثرين: 

  1. هناك تأثير مباشرللإشعاع بسبب الطاقة الإشعاعية في مسار التعرض والتى تستهدف الجزيئات بما فى ذلك الحمض النووى والبروتينات والدهون يمكن منع التأثير المباشر بمواد الحماية من الاشعاع.
  2.  وهناك تأثير ضار غير مباشر للإشعاع ناتج عن الجزيئات الشاردة الناتجة من التحلل الإشعاعى للماء في الجسم عند تعرضه للإشعاع. من بين تلك الجزيئات الشاردة كان الهيدروكسيل  OH.
حيث أن 60 -70% من التلف الخلوى الناجم عن الأشعة تحت الحمراء ناتج من الهيدروكسيل،
فإن التحلل الاشعاعى للماء يُنتج جزيئات هيدروكسيل ثانوية من أكسدة الحمض النووى والدهون
والأحماض الأمينية والسكريات وما إلى ذلك، بأمكان هذه الجزيئات الشاردة أن تؤدى إلى
اضطرابات صحية  شديدة تسبب فشل الخلايا والأعضاء.
وهنا يأتى دور الهيدروجين H2 كمضاد للأكسدة عن طريق ارتباطه بجزيئات الهيدروكسيل
الشاردة.


لقد قام العلماء بالعديد من الأبحاث والتجارب والتى أظهرت التأثير الواقى الاشعاعى فى المختبر
وفى الجسم الحى.

  • فى إحدى الأبحاث تم دراسة تأثير الهيدروجين على الأمعاء عن طريق اختيار خلايا HIEC المعوية نظرًا لحساسيتها للإشعاع، وتم علاج الخلايا بتركيزات مختلفة من الهيدروجين قبل التعرض لجرعات مختلفة من الإشعاع، وقد تبين أن علاج الخلايا بالهيدروجين قبل التعرض للإشعاع يمنع موتها عند تعرضها للأشعة تحت الحمراء.
  • بالنسبة للجلد (الحاجز الدفاعى البيولوجى لجسم الإنسان)، يمكن أن يُصاب بواسطة الطاقة الإشعاعية أو بشكل غير مباشر بواسطة الجذور الحرة مما يسبب التهاب الجلدالإشعاعى الذى حدث فى ما يقرب من 95% من المرضى الذين يتلقون العلاج الإشعاعى.
فى عام 2012  أفاد العلماء أن المحلول الملحي الغنى بالهيدروجين يحمى من تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية ربما عن طريق تقليل الالتهاب والإجهاد التأكسدى.

وقد توالت التجارب والأبحاث فى هذا الشأن وتم أختبار تأثيرات الهيدروجين الوقائية على الجلد ,تبين أن الهيدروجين يُقلل بشكل كبير من شدة التهاب الجلد الناجم عن الإشعاع وتسريع استعادة الأنسجة وخفض مدى فقدان الوزن الناتج عن الإشعاع.

وفى دراسة حديثة لاحظوا أن تطبيق الهيدروجين الذري محاطًا بجزيئات الماء على جلد الإنسان يمنع التهاب الجلد الأحمرارى وتلف الحمض النووى كما أنه منع توليد (مركبات الأكسجين التفاعلية وهى مثل الجذور الحرة لأيونات الأكسجين والبيروكسيدات) الناتجة عن
الأشعة فوق البنفسجية.
على الرغم من التقدم الملحوظ فى تطبيق الهيدروجين كمؤشر للوقاية من الإشعاع لكن لم يكن
هناك سوى عدد قليل من البيانات السريرية.
فى دراسة عشوائية تم إجرائها على 49 مريض يتلقون العلاج الإشعاعى لورم الكبد الخبيث، تم إنتاج الماء الغنى بالهيدروجين بواسطة الماغنسيوم المعدنى ووصل التركيز النهائي للهيدروجين إلى0.65Mm.
حيث تلقت مجموعة منهم الماء الغنى بالهيدروجين والمجموعة الأخرى تلقت دواء البلاسيبو لبيان مدى استجابة الورم للعلاج الإشعاعى فى حالة استخدام الهيدروجين الوقائي فلم يكن هناك أى فروق فى المجموعتين من ناحية استجابة الورم للعلاج الإشعاعى,كما أظهرت النتائج أن استهلاك الماء الغنى بالهيدروجين قلل من مستقلبات الأكسجين التفاعلية فى الدم.

لطالما كان الباحثون يقررون البحث عن مادة واقية من الأشعة وقد أظهر مركبات (sulfhydryl) ومنها (Amifostine) وهوالواقى الإشعاعى الوحيد المسجل له تأثيرات جيدة فى الحماية من الإشعاع ولكن له العديد من الآثار الجانبية التى تُحِد من استخدامه السريري مثل ارتفاع ضغط الدم والغثيان والقئ وغيرها. 

أما عن بعض مضادات الأكسدة الطبيعية مثل الفيتامينات والفلافونويد وغيرها لها تأثيرات ضعيفة للحماية من الإشعاع.
حتى الآن لا يمكن لأى مضاد للأ شعة أن يستوفي المعايير، لذلك يمنحنا الهيدروجين أملًا جديدًا
كواقي من الإشعاع لكن لا يزال هناك الكثير من الأبحاث المستقبلية.



المصادر:


هناك تعليق واحد: