شغف العلم الذي لا ينتهي

قطرة الأمير روبرت قطعة زجاج أقوى من الفولاذ - ساينسوفيليا

قطعة زجاج أقوى من الفولاذ


بقلم : ريم عيسى
مراجعة : أحمد نشأت النجار

قطرة الأمير روبرت Prince Rupert's Drop لغز استمر لقرون
هل من الممكن تخيل أن قطعة رقيقة من الزجاج تكون اقوي من الفولاذ!...بحيث اذا قمت باطلاق الرصاص عليها تظل صامدة لا يهتز لها ساكن!
هل هو زجاج صافي وما شكله وهل يتكون بنفس الظروف العادية؟
وهل يمكن كسره بشكل او باخر؟ هذا ما سوف نتحدث عنه في الاسطر القادمة.

قطرة الأمير روبرت هى قطعة من الزجاج تظهر علي شكل قطرة يقل قطرها إلى أن يصبح لها ذيل رفيع في النهاية. تختلف خصائصها من الرأس حتي الذيل، فالرأس يكون شديد الصلابة بحيث لا يمكن تحطيمه بمطرقة ولكن الذيل بمجرد الضغط عليه بطرف اصبعك تتهشم القطرة بالكامل!
قطرة الأمير روبرت كانت لغز حير العلماء لقرون، ففي سنة 1660 أحضر الأمير روبرت بعضا من هذه القطرات لعرضها علي الملك تشارلز الثاني وتم تسميتها تيمنا بإسمه لكن في الحقيقة تلك القطرات ظهرت في القرن السابع عشر في موطن الأمير روبرت بألمانيا وكانت تباع علي شكل تحفة فنية ولكنها جذبت انتباه روبرت حتى يعرضها على ملك انجلترا. 
سرعان ما أصبحت القطرة لغزاً محيراً نتيجة كونها تتكون من الزجاج وهو أول ما يخطر بالك عند سماعك كلمة معرض للكسر ولكن جسم هذه القطرة لا يمكن كسره، ويعد اللغز الأصعب فى التفسير هو الهشاشة الكبيرة التى تظهرها القطرة مع اى ضغط على الذيل.
حل اللغز لم يستلزم معالجات رياضية عنيفة ولكنه إرتبط ببساطة بالتطور التكنولوجى ففى 1994 تمكن علماء من جامعتى كامبريدج وبوردو باستعمال تقنيات التصوير ذات السرعة الفائقة للتمكن من رؤية تحطم تلك القطرة لحظة بلحظة وظهر بوضوح كيف اختلف الأنفعال (تأثير الضغط) تبعاً لتغير موضوع تطبيقه، فاظهرت الأبحاث التي استمرت حتي وقت قريب أن سر هذه القطرة بسيط يمكن تفسيره بسهولة وباستخدام مفاهيم فيزيائية بسيطة وغير معقدة.
في البداية هذه القطرة تتكون بنفس الطريقة المعروفة للجميع من رمال مصهورة ومن ثم يتم تبريدها فتصبح زجاج ولكن مع اختلاف هنا حيث يتم التبريد فجائيا باستخدام ماء بارد، فيتم سكب قطرة من الزجاج المنصهر في الماء البارد. 
التبريد الفجائى يسبب تصلب الطبقة الخارجية للقطرة بسرعة تاركاً باقي الزجاج مذاب بالداخل كانما حبست جزء من الزجاج فى حالته السائلة داخل قشرة زجاجية صلبة.

ماذا يحدث لذرات المادة فى هذه الحالة؟
فى هذا الوضع الاستثنائى تجد ذرات الزجاج المنصهر نفسها محاصرة بطبقة صلبة من الذرات وحيث أنها تصلبت فإن حجم هذه الطبقة أصبح محدد وثابت، وبعدها تبدأ المنطقة الداخلية تبرد بالتدريج منكمشة على نفسها وشاغلة مساحة اقل طبقاً لمبدأ التمدد الحرارى اى أن الذرات تحاول أن تشغل مساحة وحجم أقل كنتيجة طبيعية لانخفاض درجة الحرارة.
محاولة الجزء الداخلى للقطرة في الانكماش فى مقابل طبيعة الجزء الخارجى المتصلب تتسبب فى ظهور قوة شد كبيرة بين ذرات الطبقة الخارجية وذرات الجزء الداخلي، يمكن تصور هذه الحالة يتصور الروابط بين الذرات كسلسلة كلما زاد بعد الذرات كلما ازداد شد هذه السلسلة، عند تبلور الجزء الداخلى من القطرة فإن الذرات تبدأ في الأقتراب من بعضها أو الانكماش نتيجة لانخفاض درجة الحرارة وكشرط لتكون الحالة الصلبة (المسافات البينية بين الذرات أقل ما يمكن فى الحالة الصلبة) ولكن ذرات الطبقى الخارجية تصلبت بالفعل ولايمكن أن تتحرك من موضعها. 
نتيجة لذلك نجد أن الروابط بين ذرات الجزء الداخلى مشدودة بصورة كبيرة حتى لا تسمح بوجود مناطق فراغ فى المادة. هذا الشد يكون كبير جدََا مما يعطى القطرة صلابة كبيرة.
على هذا التصور تكون كل ذرات الجزء الداخلى من القطرة مرتبطة بقوى شد قوية جدََ من بداية الجزء الداخلى للقطرة حتى نهاية الذيل، وحيث أن الذرات مرتبطة بقوة شد كبيرة فان اى كسر لواحدة من هذه الروابط لابد أن يتبعه انهيار لكل هذه الروابط المشدودة، وعليه يمكن كسر تلك القوى الشديدة في الرأس عن طريق كسر الذيل بسهولة فيتم تفتيت القطرة بالكامل علي هيئة مسحوق وذلك ما نراه في زجاج السيارات الحديثة حيث يتم استخدام تقنية قطرة روبرت في العربات وبعض الأجهزة الحديثة.

لكن ما سبب سهولة كسر الذيل علي عكس صلابة الرأس؟
بعد ما تم تصور شكل الروابط داخل القطرة فقد وجد بعد تجارب اضافية أن الطبقة الخارجية تكون فقط 10% من قطر رأس القطرة بالرغم أنها تمتلك مقاومة كسر كبيرة فتتحمل ضغط يصل ل 45 الف كيلو جرام لكل 6 سنتيمتر مربع، ولكن إذا أردنا كسر القطرة يجب إحداث شقوق داخل القطرة للوصول للطبقة الداخلية لتخرج الطاقة المحبوسة بداخلها، وذلك باستخدام تقنية التصوير السريع.
قد وجد أن محاولة إحداث شقوق عن طريق الرأس لا يؤثر لأن الطبقة الخارجية لا تمثل نسبة كبيرة حتى يمكن اختراقها والوصول للطبقة الداخلية بسهولة لكن وجدوا أنه عندما يتم التاثير بضغط أو إجهاد على راس القطرة فان القوى تؤثر بشكل موازى للسطح وعليه فانها لا تصل للروابط الداخلية للذرات، لكن عند تطبيق اجهاد على الذيل فان الشقوق تسير في اتجاه موازي لمحور القطرة فتصل لمنطقة التوتر فتتحرر الطاقة الكامنة بداخلها وتتفتت القطرة بسهولة.

ليست هناك تعليقات