شغف العلم الذي لا ينتهي

كيف رأيت الله في خلايا الدم الحمراء

كيف رأيت الله في كرات الدم الحمراء ؟!!

بقلم : محمد ياسر الصدفي

نعم بصدق أقولها كباحث في العلوم الطبية بملئ فمي ( لقد رأيت الله في كرات الدم الحمراء)


جميعنا يعرف وظيفة تلك الكرية التي خلقها الله لتقوم بمهمة تبادل الغازات , حيث تحمل الأكسجين من الرئتين لتوزعه على الأنسجة ومن الأنسجة تحمل ثاني أكسيد الكربون لطرحه عبر الزفير .

قطرها حوالي 6-8 ميكرومتر والميكرومتر جزء من مليون جزء من المتر - 0.000006 من المتر .

إلى هنا ربما لا يوجد ما يثير دهشتك بقدر ما يثير دهشتي لذلك أرى أنني مضطر لسرد المزيد من الإعجاز !!

الخلية الحيوانية يكون بداخلها عدد من العضيات , كل عضية لها وظيفتها وبدون أداء وظيفتها يحدث خلل في النظام الحيوي بالخلية , الا إذا أراد الله غير ذلك !!


كرات الدم الحمراء

بمعنى

كل الخلايا الحيوانية بها أنوية , النواة هي العقل المدبر للخلية , تحتوي أيضا الخلايا على الميتوكوندريا ( بيت الطاقة بالخلية ) وهي المسؤول عن إنتاج عملة الطاقة المتداولة بالخلية على شكل مركب يسمى إختصارا بـ ( ATP )

الغريب في الأمر أن خلايا الدم الحمرا ليس بها أنوية ولا حتى الميتوكوندريا !! ( حيث تفقد أنويتها خلال مراحل النضج الأولية ) وتعتمد على ميكانيزم مختلف لإنتاج عملة الطاقة عن طريق التحلل السكري للجلوكوز أو - Glycolisis .

في الواقع ثلث حجم كرات الدم الحمراء يشغله مركب يسمى الهيموجلوبين وهو بروتين يقوم بعملية نقل الغازات المذكورة سالفا .

كرات الدم الحمراء تظهر من الملاءمة الفيسيولوجية الكثير , فخلوها من العضيات كالأنوية والميتوكوندريا يزيد من مساحة السطح وكفاءة حمل ونقل الأكسجين ويسمح بتوفير مرونة تغيير الشكل عند مرورها من خلال أضيق الشعيرات الدموية .

قد تسألني سؤالا بديهيا , إذن كيف ستنتج هذه الخلايا الـ ATP كعملة للطاقة دون وجود الميتوكوندريا ؟

قد أجبتك سابقا لكنك لم تنتبه ربما , عن طريق التحلل السكري للجلوكوز , ولكن الأدعى أن تتساءل لما تتغيب عضية هامة كالميتوكوندريا !!

الميتوكوندريا تنتج عملة الطاقة تحت الظروف الهوائية أي في حال توافر غاز الأكسجين , فكيف لخلية خلقت لتوصيل الأكسجين للأنسجة وتستهلك هذا الأكسجين في طريقها , عندها إذن حين تصل الى وجهتها ستكون استنفذت ما تحمله من أكسجين في إنتاج الـATP بدلا من تشبيع الجسم بالأكسجين , وهنا تتجلى العظمة وأي عظمة .


في عملية التحلل السكري للجلوكوز في الظروف الهوائية سيتحول الجلوكوز الى مركب البيروفيت pyruvate , أما في الظروف اللاهوائية  سيتحول الى حامض اللاكتيك وهذا ما سيحدث في كرات الدم الحمراء , وهنا تتجلى لمحة أخرى من لمحات العظمة الإلهية .

إن تراكم حمض اللاكتيك في خلايا الدم الحمراء سيرفع من حمضية السيتوبلازم الخلوي وهذا سيؤثر بالسلب على وظيفة الهيموجلوبين ولتجنب ذلك يتم حمل حمض اللاكتيك الى الكبد حتى يقوم بعملية إسترجاعية تسمى Gluconeogenisis لتحويل اللاكتيك الى جلوكوز مستهلكا 6 جزيئات من الـ ATP لتحويل كل جزيئين منه الى جزئ من الجلوكوز ثم يتوزع الجلوكوز مرة أخرى على كرات الدم الحمراء والعضلات .

ATP molecule
في كرات الدم الحمراء تحديدا على مركب الهيموجلوبين يوجد الحديد Fe والحديد هو المسؤول عن الإرتباط بالأكسجين , تكفاؤ الحديد يكون ثنائي أي Fe +2 , خلال فترة حياة كرات الدم الحمراء ( 120 يوم ) , تستخد مركب يدعى الـ NADH لضمان إستقرار الحديد في هذه الصورة التكافؤية , فحين تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وينتج من النشاط الخلوي مركبات تسمى Reactive Oxygen Species , تؤدي الى تأكسد الحديد الثنائي وتحوله الى حديد ثلاثي التكافؤ ستقوم مركبات الـ NADH بإختزال بروتين يدعى CB5 سيقوم بدوره بإختزال الحديد الثلاثي وإرجاعه للصورة عالية الكفاءة مرة أخرى ( ثنائي التكافؤ ) وينتج عن هذه العملية مركب الـNAD+ الذي سينتقل الى عملية التحلل السكري للجلوكوز كأحد مدخلات التفاعل وبذلك تضمن كرية الدم الحمراء مخزونا إستراتيجيا من هذا المركب هام لبقاءها على قيد الحياة .

يحتوي الإنسان البالغ على 5 مليون خلية دم حمراء في كل ميكرولتر , كل خلية منها تحتوي على 270 مليون جزئ هيموجلوبين , الهيموجلوبين من فئة البروتينات رباعية التركيب يتكون من فئتين من الوحدات المصغرة , فيحتوي على وحدتين من نوع Beta subunit , ووحدتين من Alpha subunits , كل وحدة من الوحدات الأربعة تحتوي على مركب الهيم Heme الذي يتكون من مركب البورفيرين porphyrin وذرة حديد ثنائية التكافوء وبذلك كل جزئ هيموجلوبين يحمل على سطحه أربع ذرات من الحديد ثنائي التكافؤ

أليس الذي خلق وهندس ورتب هذا التعقيد قادر على أن يحي الموتى ؟

ليست هناك تعليقات