شغف العلم الذي لا ينتهي

الأنفلونزا ذلك الفيروس اللعوب

فيروس الإنفلونزا ذلك الفيروس اللعوب !!!


بقلم : محمد ياسر الصدفي 




هيا بنا لنتحدث بإستفاضة عن فيروس الإنفلونزا 

الإنفلونزا فيروس مغلف ذو جينوم عجيب ومختلف يتكون من 8 أشرطة RNA السالب 

منفصلة وهذه الميزة ساهمت في الإنتشار العالمي واسع النطاق للوباء 



في عام 1918 الإنفلونزا الأسبانية أعتبرت جائحة ( وباء ) أودت بحياة 50 مليون شخص في 6 قارات , وعدد القتلى هذا يفوق عدد الجنود المقتولين في الحرب العالمية الأولى .

الإنفلونزا أصلا مرض في المعدة stomach disease موطنة الأصلي معدة الطيور المائية !!






لكن كيف نصاب بالإنفلونزا إذن ؟!!

دعونا أولا نفهم بعض التفاصيل حول دورة تضاعف الفيروس 

على غرار جميع الفيروسات الانفلونزا يجب أن يرتبط أولا بخلية مضيفة .

هناك بروتين مدبب على الأنفلونزا يرتبط بالمستقبل على الخلية المستهدفة يُدعى hemagglutanin  ويرمز له ب H 

هناك بروتين مدبب آخر يُدعى neurominidase ونرمز له ب N , وظيفته قطع البروتين المستقبل عند إنبثاق الفيروس خارج الخلية المصابة .





مستقبل الفيروس على سطح الخلية الحيوانية هو حمض السياليك sialic acid .

الآن عندما يرتبط البروتين المدبب H , بمستقبله على الخلية يتمكن الفيروس من الدخول للخلية ويطلق مادته الوراثية القطع الثمانية من ال RNA السالب , الخاص بالفيروس داخل السيتوبلازم . 

أجزاء الRNA الفيروسية تشق طريقها نحو النواة حيث تتضاعف , تذكروا جيدا أن المادة الوراثية للانفلونزا RNA السالب أحادية الشريط .

ويستعمل هذا الشريط كقالب لصنع شريط RNA الموجب . 

عندئذ, يمكن ترجمة ال RNA الموجب الى بروتينات فيروسية , ويمكن أن يستخدم أيضا لإنتاج الآف النسخ من ال RNA السالب . 

والتي ستغلف داخل فيروسات جديدة تنبثق من الخلية . 

عندما ينبثق الفيروس الجديد فإن بروتينه المدبب H قد يظل عالق بحمض السياليك على سطح الخلية , ولإطلاق الفيروس يقوم البروتين N بقص المستقبل المرتبط بالبروتين H  . 

وهكذا يتحرر الفيروس ويسمح له بالمرور .... 

كما ذكرت سابقا فإن الفيروس موطنه الطبيعي هو الطيور المائية التي تصاب في أمعائها , ومن المثير للإهتمام أن هناك متغيرات مختلفة من ال N  وال H .

حتى الآن تم إكتشاف 17 متغير لل H و 9 متغيرات لل N , الموجوده في إنفلونزا الطيور , وقد أشير اليها عدديا وفق ترتيب إكتشافها لذلك فإن فيروس الإنفلونزا الأول المعروف أشير له بإسم H1N1 . 

..................

وعلى مر السنين جميع فيروسات الانفلونزا ظهرت لدى الطيور المائية , مثل  H5N2 , H7N9H3N2

طالما بقيت الإنفلونزا في جسم الطائر فإنها لا تشكل خطرا والعجيب أنه لا يمرض أصلا . 

عندما تهاجر الطيور وتتبرز أثناء طيرانها تنتشر فيروسات الإنفلونزا على طول الطريق , وتمر الطيور في طريقها بمزارع بها طيور ودواجن منزلية وبط ودجاج رومي متجول .




  عندما تصاب الدواجن والطيور المنزلية , لا تكون مهيئة مناعيا لمواجهة الإنفلونزا وبالتالي تتطور لديها أمراضا حادة في الجهاز التنفسي . 

وطالما ظل الفيروس مرتبط بحمض السياليك لدى الطيور يظل مقموعا لدى فئة الطيور , وهنا تأتي الأمور الأكثر غرابة . 

الخنازير , مخلوقات لديها نوعان من حمض السياليك متواجد على خلايا الرئتين , أحدهما مماثل لمستقبل حمض السياليك بخلايا الطيور والآخر متشابه إلى حد كبير بمستقبلات خلايا الإنسان , فكر بهذا للحظة . 

عندما تعطس دجاجة مصابة بجوار خنزير , سيصاب الخنزير بالعدوى ولكن بحدوث ذلك , الفيروس المتضاعف قد يمر بتحولات وتغيرات , ومن خلال هذه التحولات يكتسب الفيروس القدرة على التكيف والإرتباط بحمض السياليك لخلايا الإنسان . 

وبهذا فإن الفيروس الأصلي بالطيور المائية ستصيب الخنازير والفيروسات المتحورة بالخنازير ستتمكن من إصابة الإنسان ويكون جاهز للإنتشار . 

تحول الفيروسات من قدرتها على إصابة الطيور الى إصابة الإنسان يسمى بالإنحراف الجيني genetic shift .

إذا كان الخنزير نفسه مصاب بأكثر من نوع واحد من فيروسات الإنفلونزا مثل H1N1 و H2N2 , قد ينتج عن ذلك مزيج أكثر تعقيدا . 

تذكروا جيدا أن جينات الإنفلونزا سالبة RNA منفصلة ومستقلة وقادرة على التجوال بحرية وإعادة ترتيبها بشكل عشوائي . 

أجزاء ال RNA التابعة لفيروسات مختلفة تستطيع أن تتحد معا داخل رئتين الخنزير , لتكون تركيبات جديدة من الفيروسات .

التي لم تكن قائمة من قبل وهذه العملية تسمى الإنحراف الجيني Genetic drift .

وتنتج فيروسات ذات سمات جديدة وغالبا ما تكون خطرة ومميتة . 

والتي لم يتعرض لها الإنسان من قبل لذلك لا يكون مهيئا ولا محصنا ضدها . 

ليست هناك تعليقات