شغف العلم الذي لا ينتهي

من عجائب قدرة الوهم ما هو تأثير البلاسيبو أو الدواء الوهمي

ما هو تأثير الدواء الوهمى (البلاسيبو ) وهل هو حقيقي ؟!


بقلم : هالة عاطف عبد الرؤف سعد الدين

مراجعة علمية ولغوية : محمد ياسر الصدفي

ما هو تأثير البلاسيبو أو الدواء الوهمي

-البلاسيبو أو الدواء الوهمى هو مادة تبدو كأنها مادة علاجية على هيئة أقراص أو حقن لعلاج مرض ما ولكنها ليست كذلك.ولأن الدواء الوهمى ليس علاجا نشطا فيجب ألا يكون له تأثير كبير على الحالة ويتم أستخدامه بشكل خاص فى التجارب السريرية حيث يمكن للباحثين مقارنة نتائج الدواء الوهمى مع نتائج الدواء الفعلي ، وهذا يساعدهم على تحديد ما إذا كان الدواء الجديد فعالا.

وقد تجلى تأثير الدواء الوهمى عند حدوث تحسن على الرغم من أن الشخص يتلقي دواءً وهميا بدلا من العلاج الطبي النشط .حيث تشير التقديرات إلى أن 1 من كل 3 أشخاص يعانون من تأثير الدواء الوهمى .

- كيف يفسر علم النفس تأثير الدواء الوهمى
يمثل تأثير الدواء الوهمى اتصالاً رائعاً بين العقل والجسم لا يزال غير مفهوم تماما ، سنناقش بعض التفسيرات النفسية لتأثير الدواء الوهمى فيما يلى .

ما هو تأثير البلاسيبو أو الدواء الوهمي

1- التأقلم أو التكييف الكلاسيكى
التكييف الكلاسيكى هو نوع من التعلم ،يحدث ذلك عند ربط فعل ما بنتيجة هذا الفعل على سبيل المثال إذا مرضت بعد تناول طعام معين يمكنك ربط هذا الطعام بكونك مريضا وبالتالي تجنبه فى المستقبل .
ولأن التكييف السلوكى قد أدى إلى تغيير سلوكنا تجاه شئ معين فقد يلعب دورا فى تأثير الدواء الوهمى كما نوضح ف الأمثلة التالية :

أ‌- إذا كنت تتناول دواء للصداع فقد تبدأ فى ربط هذا الدواء بتسكين الألم فأذا تلقيت دواءا وهميا مشابها لدواء الصداع فقد تشعر ايضا بتسكين الالم وبنفس تاثير الدواء الفعلي بسبب هذا اللارتباط الذى تتبناه ف عقلك (أن هذا الدواء هو مسكن للصداع).

ب‌- ويمكنك ربط مكتب الطبيب بتلقي العلاج أو حتى الشعور بتحسن ،يمكن أن يؤثر هذا الارتباط بدوره على شعورك حيال العلاج الذى تتلقاه .


2- التوقعات
إذا كانت لديك توقعات مسبقة لشئ ما فيمكن أن تؤثر على إدراكك له . لذلك إذا كنت تتوقع أن حبوب منع الحمل تجعلك تشعر بتحسن فقد تشعر بتحسن بعد تناولها .

وهذه بعض الأمثلة من تجارب حقيقية توضح تأثير الدواء الوهمى :

1-التعب المرتبط بالسرطان : فى دراسة اجريت عام 2018 تم مقارنة تأثير الدواء الوهمى بالعلاج الفعلي على 74 ناجى من السرطان يعانون من الارهاق . حيث تم إعداد الدراسة على النحو التالى :
أ- انقسم المشاركون إلى قسمين أحدهما تلقي العلاج الوهمى مع التصريح علنا أنه وهمى ، والقسم الأخر تلفي علاجه الفعلي كالمعتاد وكان ذلك لمدة 3 أسابيع .
ب – بعد 3 أسابيع نوقف الأشخاص الذين يتناولون حبوب الدواء الوهمى عن تناولها وفى الوقت نفسه كان لدى أولئك الذين يتلقون العلاج المعتاد خيار تناول حبوب الدواء الوهمى لمدة 3 أسابيع .
بعد الانتهاء من الدراسة لاحظ الباحثون أن الدواء الوهمى على الرغم من وصفه على هذا النحو كان له تأثير على مجموعتى المشاركين حيث كانت النتائج كالآتى :
- بعد 3 أسابيع أظهرت مجموعة الدواء الوهمى تحسن فى الأعراض مقارنة بأولئك الذين يتلقون علاجهم المعتاد ،كما استمروا فى التحس على مدى 3 أسابيع بعد التوقف!
- كما أفاد الأشخاص الذين يتلقون علاجهم الفعلى والذين قرروا تناول حبوب الدواء الوهمى لمدة 3 أسابيع بتحسن فى الأعراض بعد 3 أسابيع .

2- الاكتئاب :فى دراسة أجريت عام 2015 لبيان تأثير الدواء الوهمى على 35 شخص يعانون من الاكتئاب لم يكن المشاركون يتناولون أى أدوية أخرى للاكتئاب فى ذلك الوقت .
- انقسم المشاركون إلى مجموعتين احدهما تلقت حبوب الدواء الوهمى والذى تم وصفها بأنها فعالة والأخرى تلقت حبوب الدواء الوهمى أيضا ولكن تم وصفها بأنه غير نشطة أو فعالة ،تناولت كل مجموعة الحبوب لمدة أسبوع .
- فى نهاية الأسبوع خضع المشاركون لفحص PET لقياس نشاط الدماغ ،أثناء الفحص حصلت مجموعة الدواء الوهمى النشط على حقن وهمى ،قيل لهم أنها قد تحسن من مزاجهم ولم تتلقي مجموعة الدواء الخامل أى حقن .
- قامت المجموعتان بتبديل أنواع حبوب الدواء الوهمى لمدة أسبوع أخر ، تم إجراء فحص PET الثانى فى نهاية الأسبوع ثم تلقى جميع المشاركين العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب لمدة 10 أسابيع .
- وجد الباحثون أن بعض الأفراد عانوا من تأثير الدواء الوهمى وأن هذا التاثير أثر على نشاط دماغهم وكانت النتائج كالأتى :
- تم الإبلاغ عن انخفاض فى أعراض الاكتئاب عندما كان الناس يأخذون الدواء الوهمى النشط . كان تناول الدواء الوهمى النشط ( بما فى ذلك الحقن الوهمى ) مرتبطا بمسح PET الذى أظهر زيادة نشاط الدماغ فى المناطق المرتبطة بتنظيم العاطفة والتوتر . وفى نهاية الدراسة كانت هناك استجابة محسنة لمضادات الاكتئاب الفعلية .

-ولكن ما زلنا لا نفهم
فى حين لوحظ تأثير الدواء الوهمى فى العديد من الأبحاث ، لا يزال هناك الكثير عنه لا نفهمه.
أحد الأسئلة الكبيرة هو العلاقة بين العقل والجسد كيف تؤثر العوامل النفسية مثل التوقعات على ما يدور فى داخلنا ؟
نحن نعلم أن تأثير الدواء الوهمى يمكن أن يؤدى إلى إطلاق جزيئات صغيرة مختلفة مثل الناقلات العصبية والهرمونات .يمكن أن تتفاعل بعد ذلك مع أجزاء أخرى من الجسم لإحداث تغييرات ومع ذلك مازلنا بحاجة إلى معرفة المزيد من التفاصيل حول هذه التفاعلات المعقدة .
بالإضافة إلى ذلك يبدو أن تأثير الدواء الوهمى له تأثير كبير على بعض الأعراض مثل الألم أو الأكتئاب وليس أعراضا أخرى وهذا يطرح المزيد من الأسئلة .

ليست هناك تعليقات