شغف العلم الذي لا ينتهي

قصة إكتشاف الميكروسكوب .


ليفينهوك والميكروسكوب العجيب !!


بقلم : محمد ياسر الصدفي 


‫من المفاجئ أنّ الإنسان الأول ‫الذي رأى الميكروبات الصغيرة لم يكن عالمًا، بل تاجر أقمشة من هولندا. ‫وفقط بعد 150 عام ‫اكتُشِفّ أنّ الخلايا هي وحدات الحياة. في عام 1669، ‫كان ليـﭬـينهوك تاجر أقمشة محلي، ‫من دلفت، هولندا. ‫وكما كان متبع، كان يقوم بفحص الغُرز وجودة بضائعه ‫باستخدام عدسة مكبرة، كرة زجاجية وبينما كان يلهو، ‫ويحاول صنع عدسة مكبرة أفضل جودة، ‫أدركَ بأنّه كلّما قصر نصف قُطر الكرة، كلّما ازدادت قوة التكبير‫في نهاية المطاف، صنع ليـﭬـينهوك ‫كرات متناهية الصِغَر ومن هنا، نجح في صنع ‫مجهر ذي عدسة وحيدة. ‫بالرغم من مبناه البسيط، ‫تفوّق مجهره ‫على كلّ ما كان متوفّرًا في حينه، ‫لأنّه أتاح له المجال ‫لفحص العالم المجهري مع تكبير بـ 250 ضعف. ‫كان ليـﭬـينهوك أول شخص في العالم ‫الذي يكتشف عالم الجراثيم. ‫ولأول مرة، رأى جرثومة ‫وكائنات صغيرة أحادية الخلية ‫في قطرة ماء أخذت من البحيرات ‫في منطقة دلفت. ‫في مساء يوم ما، وبينما كان ليـﭬـينهوك ‫وزوجته مستلقيان في فراشهما، ‫أخذ يتسائل: "من المثير للاهتمام ‫ماذا تركتُ داخل جسد زوجتي". ‫التقط قطرة ‫وفحصها تحت المجهر.‫عندما رأى خلايا سائله المنوي تتحرك ‫قرر تسمية هذه الكائنات بـ " animalculous" ‫وتعني هذه الكلمة باللاتينية ‫كائنات حية متناهية الصغر.

 

‫بالطبع، ليـﭬـينهوك لم يكن أول ‫من استخدم المجهر في حينه. ولكنه كان أفضلهم.‫وذلك لأنّ مجهره تفوق من حيث القوة على المجاهر الأكثر تعقيدًا وتطوّرًا ‫التي احتوت عدسات كثيرة، ‫وكانت سهلة التفعيل. ‫ولكن هذه المجاهر المركّبة ‫كانت في الأساس منظومة عدسات مكبّرة ‫ذات قوة تكبير محدودة ‫التي لم تكبّر بأكثر من 50 ضعف. ‫بواسطة هذه العدسات المكبّرة، وفي عام 1665، ‫نشر العالم الإنجليزي الطلائعي، روبرت هوك ‫وصفه لأجسام متناهية الصغر ‫في كتابه الشهير"الفحص المجهري". ‫في المشاهدة رقم 18 في هذا الكتاب ‫والتي تتطرّق إلى مبنى الفلين ‫وصف كيف قام بتقشير قطعة رقيقة جدًا ‫من الفلين بواسطة شفرة حلاقة ‫وفحصها تحت المجهر. ‫وكتب: "لقد أمكنني أن أميّز بوضوح "بأنّها مليئة بالثقوب، ‫على غرار خلية النحل." ‫ولكن هذه الثقوب أو الخلايا ‫لم تكن عميقة جدًا. ‫روبرت هوك كان أول ‫من لاحظ بأن الفلين مكوّن من ثقوب ‫وسمّاها بالخلايا. ‫ولكن لحظة، هل أدركَ ‫عمومية الخلايا؟ ‫هل فهم بأنّ الخلايا حية؟ ‫من المرجّح أنّه لم يفهم ذلك، ‫وسَيَمُر أكثر من 150 عام إلى أن يُكتشف ذلك. ‫في عام 1838، ‫في حانة في برلين، ‫التقى صدفةً عالمان ‫كانا قد شاركا في مؤتمر علمي. ‫كان ماتياس شلايدن عالم نبات. ‫وقد بحث في المبنى المجهري ‫للأنسجة النباتية، ‫الأوراق، السيقان والجذور. ‫لحسن الحظ، جلس بجواره ‫أخصائي علم الحيوان، ثيودور شوان. ‫وكما هو متوقع، دار بينهما نقاش ‫بعد أن تناولا بضع كؤوس. ‫أخبر شلايدن شوان بأنّه يبدو أنّ النباتات ‫تتكون دائمًا من الخلايا. ‫بغض النظر عن النسيج النباتي الذي فحصه،فأنّه تكوّن دائمًا من الخلايا ‫ولكلّ خلية نواة خاصة بها. ‫فوجئ شوان بذلك، ‫ليس لأنّه لم يصدق شلايدن. ‫بل على العكس من ذلك، ‫فقد لاحظ بأنّ الحيوانات مكوّنة من خلايا. ‫باستخدام المجهر، 
درس شوان الأكباد والأدمغة والعضلات، ‫ووجد أنّ جميعها تتكون من خلايا ذات نواة. أدرك شلايدن وشوان عندها ‫بأنّ جميع الكائنات الحية مكوّنة من خلايا. ‫وطرَحا معًا نظرية الخلية التي تنص على أنّه: ‫أولا، جميع الكائنات الحية مكوّنة من خلايا. وثانيًا، الخلايا بحد ذاتها هي كائنات حية. ‫في الواقع، بالغ كلاهما ‫في استنتاجهما الثاني. ‫إذ أنّهما لم يثبتا بأنّها حقًا حية. ‫ولكن يتضّح بأنّ هذا صحيح. ‫الخلايا هي حقًا الوحدات الأساسية لبناء الحياة. علي اليسار ميكروسكوب ليفينهوك البسيط جدا والقوي جدا مقارنة بكل ميكروسكوبات عصره من حيث التكبير 250 مرة علي اليمين ميكروسكوب متطور من نفس العصر بقوة 50 مرة تكبير فقط !!!

هناك تعليق واحد: